الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ} (?)، ولأن القرآن جدير بسلامة الترتيب، والوقوع على أصح الأساليب. والكلام مع رد الضمير إلى المنزَل أحسن ترتيبًا، وذلك أن الحديث في المُنْزَل، لا في المُنْزَل عليه، وهو مسوق إليه ومربوط به، فحقه ألا يُفَكَّ عنه برد الضمير إلى غيره، ألا ترى أن المعنى: وإن ارتبتم في أن القرآن مُنْزَل من عند الله فهاتوا أنتم نُبَذًا مما يماثله ويجانسه. وقضية الترتيب لو كان الضمير مردودًا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يقال: وإن ارتبتم في أن محمدًا - صلى الله عليه وسلم - مُنْزَلٌ عليه فهاتوا قرآنًا مِنْ مثله (?).
وقوله: {وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ}: أصله: وادْعُوُوا، حذفت لامه بعد أن أزيلت حركتها كراهة اجتماع المثلين مع انضمام العين.
والشهداء: جمع شهيد، ككريم وكرماء، والشهيد: مَن شهدهم وحضرهم من عون ونصير، عن ابن عباس رضي الله عنهما (?).
وقوله: {مِنْ دُونِ اللَّهِ} قد جُوِّز أن يكون من صلة الشهداء على معنى: ادعوا الذين اتخذتموهم آلهة من دون الله، وزعمتم أنهم يشهدون لكم يوم القيامة أنكم على الحق. وأن يكون من صلة قوله: {وَادْعُوا}، أي: ادعوا من دون الله شهداءكم، أي: لا تستشهدوا بالله ولا تقولوا: الله يشهد أن ما ندعيه حق. وأن يكون من صلة محذوف، فيكون في موضع الحال من الشهداء، أي منفردين، أو منعزلين عن الله (?).
ودون: نقيض فوق، وهو تقصير عن الغاية، ومنه الشيء الدون، وهو