وَلَا تَبْكِي عَلَى بَكْرٍ وَلَكِنْ
عَلَى بَدْرٍ تَقَاصَرَتِ الْجُدُودُ ... عَلَى بَدْرٍ سَرَاةِ بَنِي هُصَيْصٍ
وَمَخْزُومٍ وَرَهْطِ أَبِي الْوَلِيدِ ... وَبَكِّي إِنْ بَكَيْتِ عَلَى عَقِيلٍ
وَبَكِّي حَارِثًا أَسَدَ الْأُسُودِ ... وَبَكِّيهِمْ وَلَا تَسَمِّي جَمِيعًا
فَمَا لِأَبِي حَكِيمَةَ مِنْ نَدِيدِ ... أَلَا قَدْ سَادَ بَعْدَهُمْ أُنَاسٌ
وَلَوْلَا يَوْمُ بَدْرٍ لَمْ يَسُودُوا
يَعْنِي أَبَا سُفْيَانَ.
ثُمَّ إِنَّ قُرَيْشًا أَرْسَلَتْ فِي فِدَاءِ الْأُسَارَى، فَأَوَّلُ مَنْ فُدِيَ أَبُو وَدَاعَةَ السَّهْمِيُّ، فَدَاهُ ابْنُهُ الْمُطَّلِبُ، وَفَدَى الْعَبَّاسُ نَفْسَهُ وَعَقِيلَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَنَوْفَلَ بْنَ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَحَلِيفَهُ عُتْبَةَ بْنَ عَمْرِو بْنِ جَحْدَمٍ، أَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِذَلِكَ فَقَالَ: لَا مَالَ لِي. فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَيْنَ الْمَالُ الَّذِي وَضَعْتَهُ عِنْدَ أُمِّ الْفَضْلِ وَقُلْتَ لَهَا: إِنْ أُصِبْتُ فَلِلْفَضْلِ كَذَا، وَلِعَبْدِ اللَّهِ كَذَا؟ قَالَ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا عَلِمَ بِهِ أَحَدٌ غَيْرِي وَغَيْرُهَا، وَإِنِّي لَأَعْلَمُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ! وَفَدَى نَفْسَهُ وَابْنَيْ أَخَوَيْهِ وَحَلِيفَهُ، وَكَانَ قَدْ أُخِذَ مَعَ الْعَبَّاسِ عِشْرُونَ أُوقِيَّةً مِنْ ذَهَبٍ، فَقَالَ: احْسِبْهَا فِي فِدَائِي. فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا، ذَاكَ شَيْءٌ أَعْطَانَاهُ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ -» .
وَكَانَ فِي الْأُسَارَى عَمْرُو بْنُ أَبِي سُفْيَانَ، أَسَرَهُ عَلِيٌّ، فَقِيلَ لِأَبِيهِ: أَفْدِ عَمْرًا. فَقَالَ: لَا أَجْمَعُ عَلَيَّ دَمِي وَمَالِي، يُقْتَلُ ابْنِي حَنْظَلَةُ، وَأَفْدِي عَمْرًا! فَتَرَكَهُ وَلَمْ يَفُكَّهُ. ثُمَّ إِنَّ سَعْدَ بْنَ النُّعْمَانِ الْأَنْصَارِيَّ خَرَجَ إِلَى مَكَّةَ مُعْتَمِرًا، فَأَخَذَهُ أَبُو سُفْيَانَ، وَكَانَتْ قُرَيْشٌ لَا تَعْرِضُ لِحَاجٍّ وَلَا مُعْتَمِرٍ. فَحَبَسَهُ أَبُو سُفْيَانَ لِيَفْدِيَ بِهِ عَمْرًا ابْنَهُ، وَقَالَ: