وَأَحْلِفُ لَكُمَا يَمِينًا عَلَى الْمَوَدَّةِ وَالْمُصَافَاةِ، وَتَخْطُبُ لِي بِخُوَارَزْمَ، وَتُزَوِّجُ أَخِي شِهَابَ الدِّينِ بِأُخْتِكَ.
فَلَمَّا سَمِعَ خُوَارَزْم شَاهِ الرِّسَالَةَ امْتَعَضَ لِذَلِكَ، وَكَتَبَ إِلَى غِيَاثِ الدِّينِ كِتَابًا يَتَهَدَّدُهُ بِقَصْدِ بِلَادِهِ، فَجَهَّزَ غِيَاثُ الدِّينِ الْعَسَاكِرَ مَعَ ابْنِ أُخْتِ أَلْب غَازِي وَصَاحِبِ سِجِسْتَانَ، وَسَيَّرَهُمَا مَعَ سُلْطَان شَاهْ إِلَى خُوَارَزْمَ، وَكَتَبَ إِلَى الْمُؤَيَّدِ صَاحِبِ نَيْسَابُورَ يَسْتَنْجِدُهُ، وَكَانَ قَدْ صَارَ بَيْنَهُمَا مُصَاهَرَةٌ: زَوَّجَ الْمُؤَيَّدُ ابْنَهُ طُغَانَ بِابْنَةِ غِيَاثِ الدِّينِ، فَجَمَعَ الْمُؤَيَّدُ عَسَاكِرَهُ، وَأَقَامَ بِظَاهِرِ نَيْسَابُورَ عَلَى طَرِيقِ خُوَارَزْمَ.
وَكَانَ خُوَارَزْم شَاهْ قَدْ سَارَ عَنْ خُوَارَزْمَ إِلَى لِقَاءِ عَسْكَرِ الْغُورِيَّةِ الَّذِينَ مَعَ أَخِيهِ سُلْطَان شَاهْ، وَقَدْ نَزَلُوا بِطَرَفِ الرَّمْلِ، فَبَيْنَمَا هُوَ فِي مَسِيرِهِ أَتَاهُ خَبَرُ الْمُؤَيَّدِ أَنَّهُ قَدْ جَمَعَ عَسَاكِرَهُ، وَأَنَّهُ عَلَى قَصْدِ خُوَارَزْمَ إِذَا فَارَقَهَا، فَسُقِطَ فِي يَدَيْهِ وَعَادَ فَوَقَعَ فِي قَلْبِهِ، وَعَادَ إِلَى خُوَارَزْمَ، فَأَخَذَ أَمْوَالَهُ وَذَخَائِرَهُ وَعَبَرَ جَيْحُونَ إِلَى الْخَطَا، وَأَخْلَى خُوَارَزْمَ فَوَقَعَ بِهَا خَبْطٌ عَظِيمٌ، فَحَضَرَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَعْيَانِهَا عِنْدَ أَلْب غَازِي وَسَأَلُوهُ إِرْسَالَ أَمِيرٍ مَعَهُمْ يَضْبُطُ الْبَلَدَ، فَخَافَ أَنْ تَكُونَ مَكِيدَةً، فَلَمْ يَفْعَلْ.
فَبَيْنَمَا هُمْ فِي ذَلِكَ تُوُفِّيَ سُلْطَان شَاهْ، سَلْخَ رَمَضَانَ سَنَةَ تِسْعٍ وَثَمَانِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، فَكَتَبَ أَلْب غَازِي إِلَى غِيَاثِ الدِّينِ يُعْلِمُهُ الْخَبَرَ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ يَأْمُرُهُ بِالْعَوْدِ إِلَيْهِ، فَرَجَعَ وَمَعَهُ أَصْحَابُ سُلْطَان شَاهْ، فَأَمَرَ غِيَاثُ الدِّينِ بِأَنْ يُسْتَخْدَمُوا، وَأَقْطَعَ الْأَجْنَادَ الْإِقْطَاعَاتِ الْجَيِّدَةِ، وَكُلُّهُمْ قَابَلَ إِحْسَانَهُ بِكُفْرَانٍ، وَسَنَذْكُرُهُ بَاقِي أَخْبَارِهِمْ.
وَلَمَّا سَمِعَ خُوَارَزْم شَاهْ تُكَشُ بِوَفَاةِ أَخِيهِ عَادَ إِلَى خُوَارَزْمَ، وَأَرْسَلَ إِلَى سَرْخَسَ وَمَرْوَ شَحْنَاءَ، فَجَهَّزَ إِلَيْهِمْ أَمِيرُ هَرَاةَ عُمَرُ الْمَرْغَنِيُّ جَيْشًا، فَأَخْرَجُوهُمْ، وَقَالَ: حَتَّى نَسْتَأْذِنَ السُّلْطَانَ غِيَاثَ الدِّينِ، وَأَرْسَلَ خُوَارَزْم شَاهْ رَسُولًا إِلَى غِيَاثِ الدِّينِ يَطْلُبُ الصُّلْحَ وَالْمُصَاهَرَةَ، وَسَيَّرَ مَعَ رَسُولِهِ جَمَاعَةً مِنْ فُقَهَاءِ خُرَاسَانَ وَالْعَلَوِيِّينَ، وَمَعَهُمْ وَجِيهُ الدِّينِ مُحَمَّدُ بْنُ مَحْمُودٍ، وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ غِيَاثَ الدِّينِ شَافِعِيًّا، وَكَانَ لَهُ عِنْدَهُ