أَخُوهُ، وَأَخْرَجَهُ فَرِيدًا وَحِيدًا، لِمَ تَتْرُكْ لَهُ مَا مَلَكْنَاهُ بِأَسْيَافِنَا مِنَ الْغُزِّ وَالْأَتْرَاكِ السَّنْجَرِيَّةِ؟ فَإِذَا سَمِعَ هَذَا عَنَّا يَجِيءُ أَخُوهُ يَطْلُبُ مُنَازَعَتَهُ الْهِنْدَ وَجَمِيعَ مَا بِيَدِكَ، فَحَرَّكَ غِيَاثُ الدِّينِ رَأْسَهُ وَلَمْ يَتَفَوَّهْ بِكَلِمَةٍ، فَقَالَ مَلِكُ سِجِسْتَانَ لِلْعَلَوِيِّ: اتْرُكِ الْأَمْرَ يَنْصَلِحْ.
فَلَمَّا لَمْ يَتَكَلَّمْ غِيَاثُ الدِّينِ مَعَ الْعَلَوِيِّ قَالَ شِهَابُ الدِّينِ لِجَاوَوِشِيتِهَ: نَادَوْا فِي الْعَسْكَرِ بِالتَّجَهُّزِ لِلْحَرْبِ، وَالتَّقَدُّمِ إِلَى مَرْوِ الرُّوذِ، وَقَامَ، وَأَنْشَدَ الْعَلَوِيُّ بَيْتًا مِنَ الشِّعْرِ عَجَمِيًّا مَعْنَاهُ: إِنِ الْمَوْتَ تَحْتَ السُّيُوفِ أَسْهَلُ مِنَ الرِّضَى بِالدَّنِيَّةِ، فَرَجَعَ الرَّسُولُ إِلَى سُلْطَان شَاهْ، وَأَعْلَمَهُ الْحَالَ، فَرَتَّبَ عَسَاكِرَهُ لِلْمَصَافِّ، وَالْتَقَى الْفَرِيقَانِ وَاقْتَتَلُوا، فَصَبَرُوا لِلْحَرْبِ، فَانْهَزَمَ سُلْطَان شَاهْ وَعَسْكَرُهُ، وَأُخِذَ أَكْثَرُ أَصْحَابِهِ أَسْرَى، فَأَطْلَقَهُمْ غِيَاثُ الدِّينِ، وَدَخَلَ سُلْطَان شَاهْ مَرْوَ فِي عِشْرِينَ فَارِسًا، وَلَحِقَ بِهِ مِنْ أَصْحَابِهِ نَحْوُ أَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةِ فَارِسٍ.
وَلَمَّا سَمِعَ خُوَارَزْم شَاهْ تُكَشُ بِمَا جَرَى لِأَخِيهِ سَارَ مِنْ خُوَارَزْمَ فِي أَلْفَيْ فَارِسٍ وَأَرْسَلَ إِلَى جَيْحُونَ ثَلَاثَةَ آلَافِ فَارِسٍ يَقْطَعُونَ الطَّرِيقَ عَلَى أَخِيهِ إِنْ أَرَادَ الْخَطَا، وَجَدَّ فِي السَّيْرِ لِيَقْبِضَ عَلَى أَخِيهِ قَبْلَ أَنْ يَقْوَى، فَأَتَتِ الْأَخْبَارُ سُلْطَان شَاهْ بِذَلِكَ، فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى عُبُورِ جَيْحُونَ إِلَى الْخَطَا، فَسَارَ إِلَى غِيَاثِ الدِّينِ وَكَتَبَ إِلَيْهِ يُعْلِمُهُ قَصْدَهُ إِلَيْهِ، فَكَتَبَ إِلَى هَرَاةَ وَغَيْرِهَا مِنْ بِلَادِهِ بِإِكْرَامِهِ وَاحْتِرَامِهِ وَحَمْلِ الْإِقَامَاتِ إِلَيْهِ، فَفَعَلَ بِهِ ذَلِكَ، وَقَدِمَ عَلَى غِيَاثِ الدِّينِ، وَالْتَقَاهُ، وَأَكْرَمَهُ وَأَنْزَلَهُ مَعَهُ فِي دَارِهِ، وَأَنْزَلَ أَصْحَابُ سُلْطَان شَاهْ كُلَّ إِنْسَانٍ مِنْهُمْ عِنْدَ مَنْ هُوَ فِي طَبَقَتِهِ، فَأَنْزَلَ الْوَزِيرَ عِنْدَ وَزِيرِهِ وَالْعَارِضَ عِنْدَ عَارَضِهِ، وَكَذَلِكَ غَيْرَهُمْ، وَأَقَامَ عِنْدَهُ حَتَّى انْسَلَخَ الشِّتَاءُ، فَأَرْسَلَ عَلَاءُ الدِّينِ بْنُ خُوَارَزْم شَاهْ إِلَى غِيَاثِ الدِّينِ يُذَكِّرُهُ مَا صَنَعَهُ أَخُوهُ سُلْطَان شَاهْ مَعَهُ مِنْ تَخْرِيبِ بِلَادِهِ، وَجَمْعِ الْعَسَاكِرِ عَلَيْهِ، وَيُشِيرُ بِالْقَبْضِ عَلَيْهِ وَرَدِّهِ إِلَيْهِ، فَأَنْزَلَ الرَّسُولَ، وَإِذْ قَدْ أَتَاهُ كِتَابُ نَائِبِهِ بِهَرَاةَ يُخْبِرُهُ أَنَّ كِتَابَ خُوَارَزْم شَاهْ جَاءَهُ يَتَهَدَّدُهُ، فَأَجَابَهُ أَنَّهُ لَا يُظْهِرُ لِخُوَارَزْم شَاهْ أَنَّهُ أَعْلَمَهُ بِالْحَالِ، وَأَحْضَرَ الرَّسُولَ، وَقَالَ لَهُ: تَقُولُ لِعَلَاءِ الدِّينِ: أَمَّا قَوْلُكَ إِنَّ سُلْطَانَ شَاهْ أَخْرَبَ الْبِلَادَ وَأَرَادَ مُلْكَهَا، فَلَعَمْرِي إِنَّهُ مَلِكٌ وَابْنُ مَلِكٍ، وَلَهُ هِمَّةٌ عَالِيَةٌ، وَإِذَا أَرَادَ الْمُلْكَ، فَمِثْلُهُ أَرَادَهُ، وَلِلْأُمُورِ مُدَبِّرٌ يُوصِلُهَا إِلَى مُسْتَحِقِّهَا، وَقَدِ الْتَجَأَ إِلَيَّ، وَيَنْبَغِي أَنْ تَنْزَاحَ عَنْ بِلَادِهِ، وَتُعْطِيَهُ نَصِيبَهُ مِمَّا خَلَّفَ أَبُوهُ، وَمِنَ الْأَمْلَاكِ الَّتِي خَلَّفَ، وَالْأَمْوَالِ،