عِدَّةَ حُصُونٍ، وَطَلَبُوا وَزِيرَهُ وَمُدَبِّرَ أَمْرِهِ صَاحِبَ أَبِيهِ مُوسَى بْنَ عَفَّانَ لِيَقْتُلُوهُ، فَسَلَّمَهُ إِلَيْهِمْ فَقَتَلُوهُ، وَكَانَ قَدِ اعْتَقَلَ ابْنَيْ عَمِّهِ مُحَمَّدًا وَالْحَسَنَ ابْنَيْ إِدْرِيسَ بْنِ عَلِيٍّ (فِي حِصْنِ أَيْرَشَ، فَلَمَّا رَأَى ثِقَتَهُ بِأَيْرَشَ اضْطِرَابَ آرَائِهِ خَالَفَ عَلَيْهِ وَبَايَعَهُ ابْنُ عَمِّهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ بْنِ عَلِيٍّ) ، وَثَارَ بِإِدْرِيسَ بْنِ يَحْيَى مَنْ عِنْدَهُ مِنَ السُّودَانِ، وَطَلَبُوا مُحَمَّدًا فَجَاءَ إِلَيْهِمْ فَسَلَّمَ إِلَيْهِ إِدْرِيسُ الْأَمْرَ، وَبَايَعَ لَهُ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ، فَاعْتَقَلَهُ مُحَمَّدٌ، وَتَلَقَّبَ بِالْمَهْدِيِّ، وَوَلَّى أَخَاهُ الْحَسَنَ عَهْدَهُ، وَلَقَّبَهُ السَّامِي.

وَظَهَرَتْ مِنَ الْمَهْدِيِّ شَجَاعَةٌ وَجُرْأَةٌ، فَهَابَهُ الْبَرْبَرُ وَخَافُوهُ، فَرَاسَلُوا الْمُوَكَّلَ بِإِدْرِيسَ بْنِ يَحْيَى، فَأَجَابَهُمْ إِلَى إِخْرَاجِهِ، وَأَخْرَجَهُ وَبَايَعَ لَهُ، وَخَطَبَ لَهُ بِسَبْتَةَ وَطَنْجَةَ بِالْخِلَافَةِ، وَبَقِيَ إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ سَنَةَ سِتٍّ وَأَرْبَعِينَ [وَأَرْبَعِمِائَةٍ] .

ثُمَّ إِنَّ الْمَهْدِيَّ رَأَى مِنْ أَخِيهِ السَّامِي مَا أَنْكَرَهُ، فَنَفَاهُ عَنْهُ، فَسَارَ إِلَى الْعُدْوَةِ إِلَى جِبَالِ غَمَارَةَ، وَأَهْلُهَا يَنْقَادُونَ لِلْعَلَوِيِّينَ وَيُعَظِّمُونَهُمْ، فَبَايَعُوهُ، ثُمَّ إِنَّ الْبَرْبَرَ خَاطَبُوا مُحَمَّدَ بْنَ الْقَاسِمِ بِالْجَزِيرَةِ، وَاجْتَمَعُوا إِلَيْهِ وَبَايَعُوهُ بِالْخِلَافَةِ، وَتَسَمَّى بِالْمَهْدِيِّ أَيْضًا، فَصَارَ الْأَمْرُ فِي غَايَةِ الْأُخْلُوقَةِ وَالْفَضِيحَةِ، أَرْبَعَةٌ كُلُّهُمْ يُسَمَّى أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فِي رُقْعَةٍ مِنَ الْأَرْضِ مِقْدَارُهَا ثَلَاثُونَ فَرْسَخًا، فَرَجَعَتِ الْبَرَابِرُ عَنْهُ، عَادَ إِلَى الْجَزِيرَةِ، فَمَاتَ بَعْدَ أَيَّامٍ، فَوَلِيَ الْجَزِيرَةَ ابْنُهُ الْقَاسِمُ، وَلَمْ يَتَّسِمْ بِالْخِلَافَةِ، وَبَقِيَ مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ بِمَالِقَةَ إِلَى أَنْ مَاتَ سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ [وَأَرْبَعِمِائَةٍ] ، وَكَانَ إِدْرِيسُ بْنُ يَحْيَى الْمَعْرُوفُ بِالْعَالِي عِنْدَ بَنِي يَفُرَنَ بِتَاكُرُنَّا، فَلَمَّا تُوُفِّيَ مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ بْنِ عَلِيٍّ قَصَدَ إِدْرِيسُ بْنُ يَحْيَى مَالِقَةَ فَمَلَكَهَا، ثُمَّ انْتَقَلَتْ إِلَى صِنْهَاجَةَ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015