أَعْيَنَ، أَكْحَلَ، طَوِيلَ الظَّهْرِ، قَصِيرَ السَّاقَيْنِ، وَقُورًا، هَيِّنًا، لَيِّنًا، وَكَانَ عُمْرُهُ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ سَنَةً، وَأُمُّهُ بَرْبَرِيَّةٌ.
ذِكْرُ أَخْبَارِ أَوْلَادِ يَحْيَى وَأَوْلَادِ أَخِيهِ وَغَيْرِهِمْ وَقَتْلِ ابْنِ عَمَّارٍ
نَذْكُرُ هَاهُنَا مَا كَانَ مِنْ أَخْبَارِ أَوْلَادِهِ، وَأَوْلَادِ أَخِيهِ، وَغَيْرِهِمْ مِنَ الْعَلَوِيِّينَ، مُتَتَابِعًا لِئَلَّا يَنْقَطِعَ الْكَلَامُ، وَلِيَأْخُذَ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ.
وَلَمَّا قُتِلَ يَحْيَى بْنُ عَلِيٍّ رَجَعَ أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بْنُ أَبِي مُوسَى الْمَعْرُوفُ بِابْنِ بَقِيَّةَ، وَنَجَا الْخَادِمُ الصَّقْلَبِيُّ، وَهُمَا مُدَبِّرَا دَوْلَةِ الْعَلَوِيِّينَ، فَأَتَيَا مَالِقَةَ، وَهِيَ دَارُ مَمْلَكَتِهِمْ، فَخَاطَبَا أَخَاهُ إِدْرِيسَ بْنَ عَلِيٍّ، وَكَانَ لَهُ سَبْتَةُ وَطَنْجَةُ، وَطَلَبَاهُ فَأَتَى إِلَى مَالِقَةَ، وَبَايَعَاهُ بِالْخِلَافَةِ عَلَى أَنْ يَجْعَلَ حَسَنَ بْنَ يَحْيَى الْمَقْتُولَ مَكَانَهُ بِسَبْتَةَ، فَأَجَابَهُمَا إِلَى ذَلِكَ، فَبَايَعَاهُ، وَسَارَ حَسَنُ بْنُ يَحْيَى، وَنَجَا إِلَى سَبْتَةَ وَطَنْجَةَ، وَتَلَقَّبَ إِدْرِيسُ بِالْمُتَأَيِّدِ بِاللَّهِ، فَبَقِيَ كَذَلِكَ إِلَى سَنَةِ ثَلَاثِينَ، أَوْ إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ.
فَسَيَّرَ الْقَاضِي أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ عَبَّادٍ وَلَدَهُ إِسْمَاعِيلَ فِي عَسْكَرٍ لِيَتَغَلَّبَ عَلَى تِلْكَ الْبِلَادِ، فَأَخَذَ قَرْمُونَةَ، وَأَخَذَ أَيْضًا أُشْبُونَةَ، وَإِسْتَجَةَ، فَأَرْسَلَ صَاحِبُهَا إِلَى إِدْرِيسَ، وَإِلَى بَادِيسَ بْنِ حَبُّوسٍ، صَاحِبِ صِنْهَاجَةَ، فَأَتَاهُ صَاحِبُ صِنْهَاجَةَ بِنَفْسِهِ، وَأَمَدَّهُ إِدْرِيسُ بِعَسْكَرٍ يَقُودُهُ ابْنُ بَقِيَّةَ مُدَبِّرُ دَوْلَتِهِ، فَلَمْ يَجْسُرُوا عَلَى إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَبَّادٍ، فَعَادُوا عَنْهُ، فَسَارَ إِسْمَاعِيلُ مُجِدًّا لِيَأْخُذَ عَلَى صِنْهَاجَةَ الطَّرِيقَ، فَأَدْرَكَهُمْ وَقَدْ فَارَقَهُمْ عَسْكَرُ إِدْرِيسَ قَبْلَ ذَلِكَ بِسَاعَةٍ، فَأَرْسَلَتْ صِنْهَاجَةُ مَنْ رَدَّهُمْ فَعَادُوا، وَقَاتَلُوا إِسْمَاعِيلَ بْنَ عَبَّادٍ، فَلَمْ يَلْبَثْ أَصْحَابُهُ أَنِ انْهَزَمُوا وَأَسْلَمُوهُ، فَقُتِلَ وَحُمِلَ رَأْسُهُ إِلَى إِدْرِيسَ.