وَكَانَ مِمَّنْ وَافَقَهُمْ عَلَى ذَلِكَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ مُحَمَّدُ (بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ) الْأُمَوِيُّ فِي جَمَاعَةٍ كَثِيرَةٍ، فَظَفِرُوا بِالْمُسْتَظْهِرِ، فَقَتَلُوهُ فِي ذِي الْقَعْدَةِ، وَلَمْ يُعْقِبْ، وَكُنْيَتُهُ أَبُو الْمُطَرِّفِ، وَأُمُّهُ أَمُّ وَلَدٍ، وَكَانَ أَبْيَضَ أَشْقَرَ، أَعْيَنَ، شَثْنَ الْكَفَّيْنِ، رَحْبَ الصَّدْرِ، وَكَانَ أَدِيبًا، خَطِيبًا، بَلِيغًا، رَقِيقَ الطَّبْعِ وَلَهُ شِعْرٌ جَيِّدٌ، وَكَانَ وَزِيرُهُ أَبَا مُحَمَّدٍ عَلِيَّ بْنَ أَحْمَدَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ حَزْمٍ، وَكَانَ سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُرْتَضَى قَدْ مَاتَ قَبْلَ قَتْلِهِ بِعَشَرَةِ أَيَّامٍ.

ذِكْرُ وِلَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ

لَمَّا قُتِلَ الْمُسْتَظْهِرُ بَايَعَ النَّاسُ بِقُرْطُبَةَ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ النَّاصِرِ، وَكُنْيَتُهُ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأُمَوِيُّ، فِي ذِي الْقَعْدَةِ سَنَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ، وَخَطَبُوا لَهُ بِالْخِلَافَةِ، وَلَقَّبُوهُ الْمُسْتَكْفِيَ بِاللَّهِ، وَكَانَ هَمُّهُ لَا يَعْدُو فَرْجَهُ وَبَطْنَهُ، وَلَيْسَ لَهُ هَمٌّ وَلَا فِكْرٌ فِي سِوَاهُمَا، وَبَقِيَ بِهَا سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا وَأَيَّامًا، وَثَارَ عَلَيْهِ أَهْلُ قُرْطُبَةَ فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ سَنَةَ سِتَّ عَشْرَةَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ، فَخَلَعُوهُ وَخَرَجَ عَنْ قُرْطُبَةَ وَمَعَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، حَتَّى صَارَ إِلَى أَعْمَالِ مَدِينَةِ سَالِمٍ فَضَجِرَ مِنْهُ بَعْضُ أَصْحَابِهِ، فَشَوَى لَهُ دَجَاجَةً، وَعَمِلَ فِيهَا شَيْئًا مِنَ الْبِيشِ، فَأَكَلَهَا فَمَاتَ فِي رَبِيعٍ الْآخِرِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ.

وَكَانَ فِي غَايَةِ التَّخَلُّفِ، وَلَهُ أَخْبَارٌ يَقْبُحُ ذِكْرُهَا، وَكَانَ رَبْعَةً، أَشْقَرَ، أَزْرَقَ، مُدَوَّرَ الْوَجْهِ، ضَخْمَ الْجِسْمِ، وَكَانَ عُمْرُهُ نَحْوَ خَمْسِينَ سَنَةً، وَلَمَّا تُوُفِّيَ أَعَادَ أَهْلُ قُرْطُبَةَ دَعْوَةَ الْمُعْتَلِي بِاللَّهِ يَحْيَى بْنِ عَلِيِّ بْنِ حَمُّودٍ الْعَلَوِيِّ بِهَا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015