ثُمَّ سَارَ نَحْوَ قَلْعَةِ آسِي، وَصَاحَبِهَا جُنْدُ بَالَ، فَلَمَّا قَارَبَهَا هَرَبَ جُنْدُ بَالَ، وَأَخَذَ يَمِينُ الدَّوْلَةِ حِصْنَهُ وَمَا فِيهِ، ثُمَّ سَارَ إِلَى قَلْعَةِ شَرْوَةَ، وَصَاحِبُهَا جُنْدُرَآيِ، فَلَمَّا قَارَبَهُ نَقَلَ مَالَهُ وَفُيُولَهُ نَحْوَ جِبَالٍ هُنَاكَ مَنِيعَةٍ يَحْتَمِي بِهَا، وَعَمِيَ خَبَرُهُ فَلَمْ يُدْرَ أَيْنَ هُوَ، فَنَازَلَ يَمِينُ الدَّوْلَةِ حِصْنَهُ فَافْتَتَحَهُ وَغَنِمَ مَا فِيهِ، وَسَارَ فِي طَلَبِ جُنْدُرَآيِ جَرِيدَةً، (وَقَدْ بَلَغَهُ خَبَرُهُ) ، فَلَحِقَ بِهِ فِي آخِرِ شَعْبَانَ فَقَاتَلَهُ، فَقَتَلَ أَكْثَرَ جُنْدِ جَنْدُرَآيِ، وَأَسَرَ أَكْثَرَ مِنْهُمْ، وَغَنِمَ مَا مَعَهُ مِنْ مَالٍ وَفِيَلٍ، وَهَرَبَ جَنْدُرَآيُ فِي نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ فَنَجَا.
وَكَانَ السَّبْيُ فِي هَذِهِ الْغَزْوَةِ كَثِيرًا حَتَّى إِنَّ أَحَدَهُمْ كَانَ يُبَاعُ بِأَقَلَّ مِنْ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ، ثُمَّ عَادَ إِلَى غَزْنَةَ ظَافِرًا، وَلَمَّا عَادَ مِنْ هَذِهِ الْغَزْوَةِ أَمَرَ بِبِنَاءِ جَامِعِ غَزْنَةَ، فَبُنِيَ بِنَاءً لَمْ يُسْمَعْ بِمِثْلِهِ، وَوَسَّعَ فِيهِ، وَكَانَ جَامِعُهَا الْقَدِيمُ صَغِيرًا، وَأَنْفَقَ مَا غَنِمَهُ فِي هَذِهِ الْغَزَاةِ فِي بِنَائِهِ.
ذِكْرُ حَالِ ابْنِ فُولَاذٍ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ عَظُمَتْ شَوْكَةُ ابْنِ فُولَاذٍ وَكَبُرَ شَأْنُهُ.
وَكَانَ ابْتِدَاءُ أَمْرِهِ أَنَّهُ كَانَ وَضِيعًا، فَنَجَمَ فِي دَوْلَةِ بَنِي بُوَيْهِ، وَعَلَا صِيتُهُ، وَارْتَفَعَ قَدْرُهُ، وَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ الرِّجَالُ، فَلَمَّا كَانَ الْآنَ طَلَبَ مِنْ مَجْدِ الدَّوْلَةِ وَوَالِدَتِهِ أَنْ يُقْطِعَاهُ قَزْوِينَ لِتَكُونَ لَهُ وَلِمَنْ مَعَهُ (مِنَ الرِّجَالِ) ، فَلَمْ يَفْعَلَا، وَاعْتَذَرَا إِلَيْهِ، فَقَصَدَ أَطْرَافَ وِلَايَةِ الرَّيِّ، وَأَظْهَرَ الْعِصْيَانَ، وَجَعَلَ يُفْسِدُ وَيُغِيرُ، وَيَقْطَعُ السُّبُلَ، وَمَلَكَ مَا يَلِيهِ مِنَ الْقُرَى، فَعَجَزَا عَنْهُ، فَاسْتَعَانَا بِإِصْبَهْبَذَ الْمُقِيمِ بِفِرِيمَ، فَأَتَاهُمَا فِي رِجَالِ الْجِيلِ،