339 -
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ تِسْعٍ وَثَلَاثِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ
ذِكْرُ مَوْتِ الصَّيْمَرِيِّ وَوِزَارَةِ الْمُهَلَّبِيِّ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ تُوُفِّيَ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الصَّيْمَرِيُّ، وَزِيرُ مُعِزِّ الدَّوْلَةِ بِأَعْمَالِ الْجَامِدَةِ، وَكَانَ قَدْ عَادَ مِنْ فَارِسَ إِلَيْهَا، وَأَقَامَ يُحَاصِرُ عِمْرَانَ بْنَ شَاهِينَ، فَأَخَذَتْهُ حُمَّى حَادَّةٌ مَاتَ مِنْهَا.
وَاسْتَوْزَرَ مُعِزُّ الدَّوْلَةِ أَبَا مُحَمَّدٍ الْحَسَنَ بْنَ مُحَمَّدٍ الْمُهَلَّبِيَّ فِي جُمَادَى الْأُولَى، وَكَانَ يَخْلُفُ الصَّيْمَرِيَّ بِحَضْرَةِ مُعِزِّ الدَّوْلَةِ، فَعَرَفَ أَحْوَالَ الدَّوْلَةِ وَالدَّوَاوِينِ، فَامْتَحَنَهُ مُعِزُّ الدَّوْلَةِ، فَرَأَى فِيهِ مَا يُرِيدُهُ مِنَ الْأَمَانَةِ، وَالْكِفَايَةِ، وَالْمَعْرِفَةِ بِمَصَالِحِ الدَّوْلَةِ، وَحُسْنِ السِّيرَةِ، فَاسْتَوْزَرَهُ وَمَكَّنَهُ مِنْ وِزَارَتِهِ، فَأَحْسَنَ السِّيرَةَ، وَأَزَالَ كَثِيرًا مِنَ الْمَظَالِمِ خُصُوصًا بِالْبَصْرَةِ، فَإِنَّ الْبَرِيدِيِّينَ كَانُوا قَدْ أَظْهَرُوا فِيهَا كَثِيرًا مِنَ الْمَظَالِمِ، فَأَزَالَهَا وَقَرَّبَ أَهْلَ الْعِلْمِ وَالْأَدَبِ، وَأَحْسَنَ إِلَيْهِمْ، وَتَنَقَّلَ فِي الْبِلَادِ لِكَشْفِ مَا فِيهَا مِنَ الْمَظَالِمِ وَتَخْلِيصِ الْأَمْوَالِ، فَحَسُنَ أَثَرُهُ، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى.
ذِكْرُ غَزْوِ سَيْفِ الدَّوْلَةِ بِلَادَ الرُّومِ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ دَخَلَ سَيْفُ الدَّوْلَةِ بْنُ حَمْدَانَ إِلَى بِلَادِ الرُّومِ، فَغَزَا وَأَوْغَلَ فِيهَا، وَفَتَحَ فِيهَا حُصُونًا كَثِيرَةً، وَسَبَى وَغَنِمَ، فَلَمَّا أَرَادَ الْخُرُوجَ مِنْ بَلَدِ الرُّومِ، أَخَذُوا عَلَيْهِ الْمَضَايِقَ