فَأَمْسَكُوا عَنْهُ، وَبَقِيَ مَحْبُوسًا حَتَّى مَاتَ فِي مَحْبَسِهِ.
وَمَاتَ عِمَادُ الدَّوْلَةِ وَبَقِيَ عَضُدُ الدَّوْلَةِ بِفَارِسَ، فَاخْتَلَفَ أَصْحَابُهُ، فَكَتَبَ مُعِزُّ الدَّوْلَةِ إِلَى وَزِيرِهِ الصَّيْمَرِيِّ بِالْمَسِيرِ إِلَى شِيرَازَ، وَتَرْكِ مُحَارَبَةِ عِمْرَانَ بْنِ شَاهِينَ، فَسَارَ إِلَى فَارِسَ، وَوَصَلَ رُكْنُ الدَّوْلَةِ (أَيْضًا، وَاتَّفَقَا عَلَى تَقْرِيرِ قَاعِدَةِ عَضُدِ الدَّوْلَةِ، وَكَانَ رُكْنُ الدَّوْلَةِ) قَدِ اسْتَخْلَفَ عَلَى الرَّيِّ عَلِيَّ بْنَ كَامَةَ، وَهُوَ مِنْ أَعْيَانِ أَصْحَابِهِ، وَلَمَّا وَصَلَ رُكْنَ الدَّوْلَةِ إِلَى شِيرَازَ، ابْتَدَأَ بِزِيَارَةِ قَبْرِ أَخِيهِ بِإِصْطَخْرَ، فَمَشَى حَافِيًا حِاسِرًا وَمَعَهُ الْعَسَاكِرُ عَلَى حَالِهِ، وَلَزِمَ الْقَبْرَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إِلَى أَنْ سَأَلَهُ الْقُوَّادُ الْأَكَابِرُ لِيَرْجِعَ إِلَى الْمَدِينَةِ، فَرَجَعَ إِلَيْهَا، وَأَقَامَ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ، وَأَنْفَذَ إِلَى أَخِيهِ مُعِزِّ الدَّوْلَةِ شَيْئًا كَثِيرًا مِنَ الْمَالِ وَالسِّلَاحِ وَغَيْرِ ذَلِكَ.
وَكَانَ عِمَادُ الدَّوْلَةِ فِي حَيَاتِهِ هُوَ أَمِيرُ الْأُمَرَاءِ، فَلَمَّا مَاتَ، صَارَ أَخُوهُ رُكْنُ الدَّوْلَةِ أَمِيرَ الْأُمَرَاءِ، وَكَانَ مُعِزُّ الدَّوْلَةِ هُوَ الْمُسْتَوْلِي عَلَى الْعِرَاقِ وَالْخِلَافَةِ، وَهُوَ كَالنَّائِبِ عَنْهُمَا، وَكَانَ عِمَادُ الدَّوْلَةِ كَرِيمًا، حَلِيمًا، عَاقِلًا، حَسَنَ السِّيَاسَةِ (لِلْمُلْكِ وَالرَّعِيَّةِ) ، وَقَدْ تَقَدَّمَ مِنْ أَخْبَارِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى عَقْلِهِ وَسِيَاسَتِهِ.
ذِكْرُ عِدَّةِ حَوَادِثَ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ فِي جُمَادَى الْآخِرَةِ، قَلَّدَ أَبُو السَّائِبِ عُتْبَةَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ قَضَاءَ الْقُضَاةِ بِبَغْدَاذَ.
وَفِيهَا فِي رَبِيعٍ الْآخَرِ، مَاتَ الْمُسْتَكْفِي بِاللَّهِ فِي دَارِ السُّلْطَانِ، وَكَانَتْ عِلَّتُهُ نَفْثَ الدَّمِ.