فَبَعَثَ إِلَيْهِمَا، فَقَدِمَ عَلَيْهِ سَطِيحٌ قَبْلَ شُقٍّ، فَلَمَّا قَدِمَ عَلَيْهِ سَطِيحٌ سَأَلَهُ عَنْ رُؤْيَاهُ وَتَأْوِيلِهَا. فَقَالَ: رَأَيْتَ حَمْحَمَةً، خَرَجَتْ مِنْ ظُلْمَةٍ، فَوَقَعَتْ بِأَرْضٍ بُهْمَةٍ، فَأَكَلَتْ مِنْهَا كُلَّ ذَاتِ جُمْجُمَةٍ؟ قَالَ لَهُ الْمَلِكُ: مَا أَخْطَأْتَ مِنْهَا شَيْئًا، فَمَا عِنْدَكَ مِنْ تَأْوِيلِهَا؟ . فَقَالَ: أَحْلِفُ مَا بَيْنَ الْحَرَّتَيْنِ مِنْ حَنَشْ لَيَهْبِطَنَّ أَرْضَكُمُ الْحَبَشْ فَلْيَمْلِكُنَّ مَا بَيْنَ أَبْيَنَ إِلَى جُرَشْ. قَالَ الْمَلِكُ: وَأَبِيكَ يَا سَطِيحُ إِنَّ هَذَا لَغَائِظٌ مُوجِعٌ، فَمَتَى يَكُونُ أَفِي زَمَانِي أَمْ بَعْدَهُ؟ . قَالَ: بَلْ بَعْدَهُ بِحِينَ سِتِّينَ سَنَةً أَوْ سَبْعِينَ يَمْضِينَ مِنَ السِّنِينِ. قَالَ: هَلْ يَدُومُ ذَلِكَ مِنْ مُلْكِهِمْ أَوْ يَنْقَطِعُ؟ . قَالَ: بَلْ يَنْقَطِعُ لِبِضْعٍ وَسَبْعِينْ يَمْضِينَ مِنَ السِّنِينْ، ثُمَّ يُقْتَلُونَ بِهَا أَجْمَعُونَ وَيَخْرُجُونَ مِنْهَا هَارِبِينْ. قَالَ الْمَلِكُ: وَمَنِ الَّذِي يَلِي ذَلِكَ؟ . قَالَ: يَلِيهِ إِرَمُ ذِي يَزَنْ، يَخْرُجُ عَلَيْهِمْ مِنْ عَدَنْ، فَلَا يَتْرُكُ أَحَدًا مِنْهُمْ بِالْيَمَنْ. قَالَ: فَيَدُومُ ذَلِكَ مِنْ سُلْطَانِهِ أَوْ يَنْقَطِعُ؟ . قَالَ: بَلْ يَنْقَطِعُ، يَقْطَعُهُ نَبِيٌّ زَكِي، يَأْتِيهِ الْوَحْيُ مِنَ الْعَلِي، وَهُوَ رَجُلٌ مِنْ وَلَدِ غَالِبِ بْنِ فِهْرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّضْرِ، يَكُونُ الْمُلْكُ فِي قَوْمِهِ إِلَى آخِرِ الدَّهْرِ. قَالَ: وَهَلْ لِلدَّهْرِ مِنْ آخِرٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، يَوْمَ يُجْمَعُ فِيهِ الْأَوَّلُونَ وَالْآخِرُونَ، وَيَسْعَدُ فِيهِ الْمُحْسِنُونَ، وَيَشْقَى فِيهِ الْمُسِيئُونَ. قَالَ: أَحَقٌّ مَا تُخْبِرُنَا يَا سَطِيحُ؟ . قَالَ: نَعَمْ وَالشَّفَقِ وَالْغَسَقْ، وَالْفَلَقِ إِذَا اتَّسَقْ، إِنَّ مَا أَنْبَأْتُكَ بِهِ لَحَقْ.
ثُمَّ قَدِمَ عَلَيْهِ شُقٌّ فَقَالَ: يَا شُقُّ إِنِّي رَأَيْتُ رُؤْيَا هَالَتْنِي فَأَخْبِرْنِي عَنْهَا وَعَنْ تَأْوِيلِهَا