مَعَهُ هَارُونَ بْنَ غَرِيبٍ، وَإِلَى عِيسَى بْنِ مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ بِالْكُوفَةِ صَافِيًا الْبَصْرِيَّ، فَأَوْقَعَ بِهِمْ هَارُونُ، وَأَوْقَعَ صَافِي بِمَنْ سَارَ إِلَيْهِمْ، فَانْهَزَمَتِ الْقَرَامِطَةُ، وَأُسِرَ مِنْهُمْ كَثِيرٌ، وَقُتِلَ أَكْثَرُ مِمَّنْ أُسِرَ، وَأُخِذَتْ أَعْلَامُهُمْ، وَكَانَتْ بِيضًا، وَعَلَيْهَا مَكْتُوبٌ: {وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ} [القصص: 5] (فَأُدْخِلَتْ بَغْدَاذَ مَنْكُوسَةً) ، وَاضْمَحَلَّ أَمْرُ مَنْ بِالسَّوَادِ مِنْهُمْ، وَكَفَى اللَّهُ النَّاسَ شَرَّهُمْ.
ذِكْرُ الْحَرْبِ بَيْنَ نَازُوكَ وَهَارُونَ بْنِ غَرِيبٍ
وَفِيهَا وَقَعَتِ الْفِتْنَةُ بَيْنَ نَازُوكَ صَاحِبِ الشُّرْطَةِ، وَهَارُونَ بْنِ غَرِيبٍ. وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ سَاسَةَ دَوَابِّ هَارُونَ بْنِ غَرِيبٍ وَسَاسَةَ نَازُوكَ تَغَايَرُوا عَلَى غُلَامٍ أَمْرَدَ، وَتَضَارَبُوا بِالْعِصِيِّ، فَحَبَسَ نَازُوكُ (سَاسَةَ دَوَابِّ) هَارُونَ، بَعْدَ أَنْ ضَرَبَهُمْ، فَسَارَ أَصْحَابُ هَارُونَ إِلَى مَحْبِسِ الشُّرْطَةِ، وَوَثَبُوا عَلَى نَائِبِ نَازُوكَ بِهِ، وَانْتَزَعُوا أَصْحَابَهُمْ مِنَ الْحَبْسِ، فَرَكِبَ نَازُوكُ، وَشَكَا إِلَى الْمُقْتَدِرِ، فَقَالَ: كِلَاكُمَا عَزِيزٌ عَلَيَّ، وَلَسْتُ أَدْخُلُ بَيْنَكُمَا، فَعَادَ وَجَمَعَ رِجَالَهُ، وَجَمَعَ هَارُونُ رِجَالَهُ، وَزَحَفَ أَصْحَابُ نَازُوكَ إِلَى دَارِ هَارُونَ، فَأَغْلَقَ بَابَهُ، وَبَقِيَ بَعْضُ أَصْحَابِهِ خَارِجَ الدَّارِ، فَقَتَلَ مِنْهُمْ أَصْحَابُ نَازُوكَ، وَجَرَحُوا، فَفَتَحَ هَارُونُ الْبَابَ، وَخَرَجَ أَصْحَابُهُ، فَوَضَعُوا السِّلَاحَ فِي أَصْحَابِ نَازُوكَ، (فَقَتَلُوا مِنْهُمْ، وَجَرَحُوا، وَاشْتَبَكَتِ الْحَرْبُ بَيْنَهُمْ، فَكَفَّ نَازُوكُ أَصْحَابَهُ.
وَأَرْسَلَ الْخَلِيفَةُ إِلَيْهِمَا يُنْكِرُ عَلَيْهِمَا ذَلِكَ، فَكَفَّا، وَسَكَنَتِ الْفِتْنَةُ، وَاسْتَوْحَشَ نَازُوكُ) ، وَاسْتَدَلَّ بِذَلِكَ عَلَى تَغَيُّرِ الْمُقْتَدِرِ، ثُمَّ رَكِبَ إِلَيْهِ هَارُونُ وَصَالَحَهُ، وَخَرَجَ