قَالُوا: لَسْتَ بِتَاجِرٍ، وَإِنَّمَا أَنْتَ رَسُولُ الْمَهْدِيِّ، وَقَدْ بَلَغَنَا خَبَرُكَ، وَنَحْنُ بَنُو مُوسَى، وَلَعَلَّكَ قَدْ سَمِعْتَ بِنَا، فَانْبَسِطْ وَلَا تَحْتَشِمْ، فَإِنَّا إِخْوَانُكَ، فَأَظْهَرَ أَمْرَهُ، وَقَوَّى عَزَائِمَهُمْ، وَقَرُبَ أَمْرُ الْمَهْدِيِّ بِالِاسْتِكْثَارِ مِنَ الْخَيْلِ وَالسِّلَاحِ، وَأَخْبَرَهُمْ أَنَّ هَذَا أَوَانُ ظُهُورِ الْمَهْدِيِّ، وَمِنْ عِنْدِهِمْ يَظْهَرُ.

وَاتَّصَلَتْ أَخْبَارُهُ بِالشِّيعَةِ الَّذِينَ بِالْعِرَاقِ، فَسَارُوا إِلَيْهِ فَكَثُرَ جَمْعُهُمْ وَعَظُمَ بِأْسُهُمْ، وَأَغَارُوا عَلَى مَنْ جَاوَرَهُمْ، وَسَبَوْا، وَجَبَوُا الْأَمْوَالَ، وَأَرْسَلَ إِلَى مَنْ بِالْكُوفَةِ مِنْ وَلِدِ عَبْدِ اللَّهِ الْقَدَّاحِ هَدَايَا عَظِيمَةً، وَكَانُوا أَنْفَذُوا إِلَى الْمَغْرِبِ رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا يُعْرَفُ بِالْحُلْوَانِيِّ، وَالْآخَرُ يُعْرَفُ بِأَبِي سُفْيَانَ، وَقَالُوا لَهُمَا: إِنَّ الْمَغْرِبَ أَرْضٌ بُورٌ، فَاذْهَبَا فَاحْرُثَا حَتَّى يَجِيءَ صَاحِبُ الْبَدْرِ، فَسَارَا فَنَزَلَ بِأَرْضِ كُتَامَةَ بِبَلَدٍ (يُسَمَّى مَرْمَجَنَّةَ) وَالْآخَرُ بِسُوقِ حِمَارٍ، فَمَالَتْ قُلُوبُ أَهْلِ تِلْكَ النَّوَاحِي إِلَيْهِمَا، وَحَمَلُوا إِلَيْهِمَا الْأَمْوَالَ وَالتُّحَفَ، فَأَقَامَا سِنِينَ كَثِيرَةً، وَمَاتَا، وَكَانَ أَحَدُهُمَا قَرِيبَ الْوَفَاةِ مِنَ الْآخَرِ.

ذِكْرُ إِرْسَالِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الشِّيعِيِّ إِلَى الْمَغْرِبِ

كَانَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ زَكَرِيَّاءَ الشِّيعِيُّ مِنْ أَهْلِ صَنْعَاءَ، وَقَدْ سَارَ إِلَى ابْنِ حَوْشَبٍ النَّجَّارِ، وَصَحِبَهُ بِعَدَنَ، وَصَارَ مِنْ كِبَارِ أَصْحَابِهِ، وَكَانَ لَهُ عِلْمٌ وَفَهْمٌ وَدَهَاءٌ وَمَكْرٌ، فَلَمَّا أَتَى خَبَرُ وَفَاةِ الْحُلْوَانِيِّ وَأَبِي سُفْيَانَ (إِلَى ابْنِ حَوْشَبٍ) قَالَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ الشِّيعِيِّ: إِنَّ أَرْضَ كُتَامَةَ مِنَ الْمَغْرِبِ قَدْ حَرَثَهَا الْحُلْوَانِيُّ وَأَبُو سُفْيَانَ، وَقَدْ مَاتَا، وَلَيْسَ لَهَا غَيْرُكَ، فَبَادِرْ، فَإِنَّهَا مُوَطَّأَةٌ مُمَهَّدَةٌ لَكَ.

فَخَرَجَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (إِلَى مَكَّةَ) ، وَأَعْطَاهُ ابْنُ حَوُشَبٍ مَالًا، وَسَيَّرَ مَعَهُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015