وَكَانَ بِنَوَاحِي كَرْخَ وَأَصْبَهَانَ رَجُلٌ يُعْرَفُ بِمُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ وَيُلَقَّبُ بِدَنْدَانَ يَتَوَلَّى تِلْكَ الْمَوَاضِعَ، وَلَهُ نِيَابَةٌ عَظِيمَةٌ، وَكَانَ يُبْغِضُ الْعَرَبَ وَيَجْمَعُ مَسَاوِيَهِمْ، فَسَارَ إِلَيْهِ الْقَدَّاحُ، وَعَرَّفَهُ مِنْ ذَلِكَ مَا زَادَ بِهِ مَحَلُّهُ، وَأَشَارَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يُظْهِرَ، (مَا فِي نَفْسِهِ) ، وَإِنَّمَا يَكْتُمُهُ، وَيُظْهِرُ التَّشَيُّعَ وَالطَّعْنَ عَلَى الصَّحَابَةِ، فَإِنَّ الطَّعْنَ فِيهِمْ طَعْنٌ فِي الشَّرِيعَةِ، فَإِنَّ بِطَرِيقِهِمْ وَصَلَتْ إِلَى مَنْ بَعْدَهُمْ، فَاسْتَحْسَنَ قَوْلَهُ وَأَعْطَاهُ مَالًا عَظِيمًا يُنْفِقُهُ عَلَى الدُّعَاةِ إِلَى هَذَا الْمَذْهَبِ فَسَيَّرَهُ إِلَى كُوَرِ الْأَهْوَازِ وَالْبَصْرَةِ، وَالْكُوفَةِ، وَطَالِقَانَ، وَخُرَاسَانَ، وَسَلَمِيَّةَ، مِنْ أَرْضِ حِمْصَ، وَفَرَّقَهُ فِي دُعَاتِهِ، وَتُوُفِّيَ الْقَدَّاحُ، وَدَنْدَانُ.

وَإِنَّمَا لُقِّبَ الْقَدَّاحَ لِأَنَّهُ كَانَ يُعَالِجُ الْعُيُونَ وَيَقْدَحُهَا.

فَلَمَّا تُوُفِّيَ الْقَدَّاحُ قَامَ بَعْدَهُ ابْنُهُ أَحْمَدُ مَقَامَهُ، وَصَحِبَهُ إِنْسَانٌ يُقَالُ لَهُ رُسْتُمُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ حَوْشَبِ بْنِ دَاذَانَ النَّجَّارُ، مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ، فَكَانَا يَقْصِدَانِ الْمَشَاهِدَ، وَكَانَ بِالْيَمَنِ رَجُلٌ اسْمُهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ كَثِيرُ الْمَالِ وَالْعَشِيرَةِ مِنْ أَهْلِ الْجَنَدِ، يَتَشَيَّعُ، فَجَاءَ إِلَى مَشْهَدِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ يَزُورُهُ، فَرَآهُ أَحْمَدُ وَرُسْتُمُ يَبْكِي كَثِيرًا، فَلَمَّا خَرَجَ اجْتَمَعَ بِهِ أَحْمَدُ، وَطَمِعَ فِيهِ لِمَا رَأَى مِنْ بُكَائِهِ، وَأَلْقَى إِلَيْهِ مَذْهَبَهُ فَقَبِلَهُ، وَسَيَّرَ مَعَهُ النَّجَّارَ إِلَى الْيَمَنِ، وَأَمَرَهُ بِلُزُومِ الْعِبَادَةِ وَالزُّهْدِ وَدَعْوَةِ النَّاسِ إِلَى الْمَهْدِيِّ وَأَنَّهُ خَارِجٌ فِي هَذَا الزَّمَانِ بِالْيَمَنِ، فَسَارَ النَّجَّارُ إِلَى الْيَمَنِ، وَنَزَلَ بِعَدَنَ، بِقُرْبِ قَوْمٍ مِنَ الشِّيعَةِ يُعْرَفُونَ بِبَنِي مُوسَى، وَأَخَذَ فِي بَيْعِ مَا مَعَهُ.

وَأَتَاهُ بَنُو مُوسَى، وَقَالُوا لَهُ: فِيمَ جِئْتَ؟ قَالَ: لِلتِّجَارَةِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015