وَكَتَبَ الْمُعْتَزُّ إِلَى أَخِيهِ أَبِي أَحْمَدَ يَلُومُهُ لِلتَّقْصِيرِ فِي قِتَالِ أَهْلِ بَغْدَادَ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ فِي الْجَوَابِ:
لِأَمْرِ الْمَنَايَا عَلَيْنَا طَرِيقُ ... وَلِلدَّهْرِ فِينَا اتِّسَاعٌ وَضِيقُ
وَأَيَّامُنَا عِبْرَةٌ لِلْأَنَامِ فَمِنْهَا الْبُكُورُ وَمِنْهَا الطُّرُوقُ ... وَمِنْهَا هَنَاتٌ تُشِيبُ الْوَلِيدَ وَيَخْذُلُ فِيهَا الصَّدِيقَ الصَّدُوقُ
وَفِتْنَةُ دِينٍ لَهَا ذُرْوَةٌ تَفُوقُ الْعُيُونَ
،
وَبَحْرٌ عَمِيقُ قَتَّالٌ مَتِينٌ
،
وَسَيْفٌ عَتِيدٌ وَخَوْفٌ شَدِيدٌ
،
وَحِصْنٌ وَثِيقُ وَطُولُ صِيَاحٍ ... لِدَاعِي الصَّبَاحِ السِّلَاحَ السِّلَاحَ
فَمَا يَسْتَفِيقُ فَهَذَا طَرِيحٌ وَهَذَا جَرِيحٌ ... وَهَذَا حَرِيقٌ وَهَذَا غَرِيقُ
وَهَذَا قَتِيلٌ وَهَذَا تَلِيلٌ وَآخَرُ يَشْدَخُهُ الْمَنْجَنِيقُ ... هُنَاكَ اغْتِصَابٌ وَثُمَّ انْتِهَابٌ وَدُورٌ خَرَابٌ
وَكَانَتْ تَرُوقُ إِذَا مَا شَرَعْنَا إِلَى مَسْلَكٍ وَجَدْنَاهُ ... قَدْ سُدَّ عَنَّا الطَّرِيقُ فَبِاللَّهِ نَبْلُغُ مَا نَرْتَجِي
وَبِاللَّهِ نَدْفَعُ مَا لَا نُطِيقُ
وَهَذِهِ الْأَبْيَاتُ لِعَلِيِّ بْنِ أُمَيَّةَ فِي فِتْنَةِ الْأَمِينِ وَالْمَأْمُونِ.
ذِكْرُ حَالِ الْأَنْبَارِ
وَسَيَّرَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ إِلَى الْأَنْبَارِ نَجُوبَةَ بْنَ قَيْسٍ، فَأَقَامَ بِهَا، وَجَمَعَ بِهَا نَحْوًا مِنْ أَلْفَيْ رَجُلٍ، وَأَمَدَّهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بِأَلْفٍ وَخَمْسِ مِائَةٍ، وَشَقَّ الْمَاءَ مِنَ الْفُرَاتِ إِلَى