خَنْدَقِهَا، فَفَاضَ عَلَى الصَّحَارِي، فَصَارَ بَطِيحَةً وَاحِدَةً، وَقَطَعَ الْقَنَاطِرِ.

وَسَيَّرَ الْمُعْتَزُّ جُنْدًا مَعَ عَلِيٍّ الْإِسْحَاقِيِّ نَحْوَ الْأَنْبَارِ، فَوَصَلُوا سَاعَةَ وُصُولِ مَدَدِ مُحَمَّدٍ وَقَدْ نَزَلُوا ظَاهِرَهَا، فَاقْتَتَلُوا أَشَدَّ قِتَالٍ، فَانْهَزَمَ مَدَدُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَرَجَعُوا فِي الطَّرِيقِ الَّذِي جَاؤُوا فِيهِ إِلَى بَغْدَادَ.

وَكَانَ نَجُوبَةُ بِالْأَنْبَارِ لَمْ يَخْرُجْ مِنْهَا، فَلَمَّا بَلَغَهُ هَزِيمَةُ مَدَدِهِ، وَمَسِيرُ الْأَتْرَاكِ إِلَيْهِ، عَبَرَ إِلَى الْجَانِبِ الْغَرْبِيِّ، وَقَطَعَ الْجِسْرَ وَسَارَ نَحْوَ بَغْدَادَ، فَاخْتَارَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ (إِنْفَاذَ) الْحُسَيْنِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ إِلَى الْأَنْبَارِ فِي جَمَاعَةٍ مِنَ الْقُوَّادِ وَالْجُنْدِ، فَجَهَّزَهُمْ، وَأَخْرَجَ لَهُمْ رِزْقَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ.

وَخَرَجَ الْجُنْدُ وَعَرَضَهُمُ الْحُسَيْنُ، وَسَارَ عَنْ بَغْدَادَ يَوْمَ الْخَمِيسِ لِسَبْعٍ بَقِينَ مِنْ جُمَادَى الْأُولَى، وَتَبِعَهُ النَّاسُ، وَالْقُوَّادُ، وَبَنُو هَاشِمٍ إِلَى الْيَاسِرِيَّةِ.

وَكَانَ أَهْلُ الْأَنْبَارِ لَمَّا دَخَلَهَا الْأَتْرَاكُ قَدْ أَمِنُوهُمْ، فَفَتَحُوا دَكَاكِينَهُمْ، وَأَسْوَاقَهُمْ، وَوَافَاهُمْ سُفُنٌ مِنَ الرِّقَّةِ تَحْمِلُ الدَّقِيقَ وَالزَّيْتَ وَغَيْرَ ذَلِكَ، فَانْتَهَبَهَا الْأَتْرَاكُ وَحَمَلُوهَا إِلَى مَنَازِلِهِمْ بِسَامَرَّا، وَوَجَّهُوا بِالْأَسْرَى وَبِالرُّؤُوسِ مَعَهَا.

وَسَارَ الْحُسَيْنُ حَتَّى نَزَلَ دِمِمَّا، وَوَافَتْهُ طَلَائِعُ الْأَتْرَاكِ فَوْقَ دِمِمَّا، فَصَفَّ أَصْحَابَهُ مُقَابِلَ الْأَتْرَاكِ، بَيْنَهُمَا نَهْرٌ، وَكَانَ عَسْكَرُهُ عَشَرَةَ آلَافِ رَجُلٍ، (وَكَانَ الْأَتْرَاكُ فَوْقَ دِمِمَّا، فَصَفَّ أَصْحَابَهُ) ، وَكَانَ الْأَتْرَاكُ زُهَاءَ أَلْفِ رَجُلٍ، فَتَرَامَوْا بِالسِّهَامِ، فَجُرِحَ بَيْنَهُمْ عَدَدٌ، وَعَادَ الْأَتْرَاكُ إِلَى الْأَنْبَارِ، وَتَقَدَّمَ الْحُسَيْنُ فَنَزَلَ بِمَكَانٍ يُعْرَفُ بِالْقَطِيعَةِ، وَاسِعٍ يَحْمِلُ الْعَسْكَرَ، فَأَقَامَ فِيهِ يَوْمَهُ،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015