يَسْتَمِدُّنِي بِالْعَسَاكِرِ وَالْأَمْوَالِ، فَأَظْهِرْ لِلنَّاسِ أَنَّكَ تَسِيرُ إِلَيْهِ نَجْدَةً لَهُ. وَكَتَبَ لَهُ الرَّشِيدُ كِتَابًا بِوِلَايَتِهِ بِخَطِّ يَدِهِ، وَأَمَرَ كُتَّابَهُ أَنْ يَكْتُبُوا لَهُ إِلَى عَلِيِّ بْنِ عِيسَى بِأَنَّهُ قَدْ سَيَّرَ هَرْثَمَةَ نَجْدَةً لَهُ.
فَسَارَ هَرْثَمَةُ وَلَا يَعْلَمُ بِأَمْرِهِ أَحَدٌ، حَتَّى وَرَدَ نَيْسَابُورَ، فَلَمَّا وَرَدَهَا اسْتَعْمَلَ أَصْحَابَهُ عَلَى كُوَرِهَا، وَسَارَ مُجِدًّا يَسْبِقُ الْخَبَرَ، فَأَتَى مَرْوَ وَالْتَقَاهُ عَلِيُّ بْنُ عِيسَى، فَاحْتَرَمَهُ هَرْثَمَةُ وَعَظَّمَهُ حَتَّى دَخَلَ الْبَلَدَ، ثُمَّ قَبَضَ عَلَيْهِ وَعَلَى أَهْلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ، وَأَخَذَ أَمْوَالَهُ فَبَلَغَتْ ثَمَانِينَ أَلْفَ (أَلْفٍ) ، (وَكَانَتْ خَزَائِنُهُ وَأَثَاثُهُ عَلَى) أَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةِ بَعِيرٍ، فَأَخَذَ الرَّشِيدُ ذَلِكَ كُلَّهُ.
وَكَانَ وُصُولُ هَرْثَمَةَ إِلَى خُرَاسَانَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِينَ، فَلَمَّا فَرَغَ هَرْثَمَةُ مِنْ أَخْذِ أَمْوَالِهِمْ أَقَامَهُمْ لِمُطَالَبَةِ النَّاسِ، وَكَتَبَ إِلَى الرَّشِيدِ بِذَلِكَ، وَسَيَّرَ عَلِيَّ بْنَ عِيسَى إِلَيْهِ عَلَى بَعِيرٍ بِغَيْرِ وِطَاءٍ وَلَا غِطَاءٍ.
ذِكْرُ عِدَّةِ حَوَادِثَ
فِيهَا خَرَجَ خَارِجِيٌّ يُقَالُ لَهُ ثَرْوَانُ بْنُ سَيْفٍ بِنَاحِيَةِ حَوْلَايَا، وَتَنَقَّلَ فِي السَّوَادِ، فَوُجِّهَ إِلَيْهِ طَوْقُ بْنُ مَالِكٍ، فَهَزَمَهُ طَوْقٌ، وَجَرَحَهُ وَقَتَلَ عَامَّةَ أَصْحَابِهِ.
وَفِيهَا خَرَجَ أَبُو النِّدَاءِ بِالشَّامِ، فَسَيَّرَ الرَّشِيدُ فِي طَلَبِهِ يَحْيَى بْنَ مُعَاذٍ، وَعَقَدَ لَهُ عَلَى الشَّامِ.
وَفِيهَا ظَفِرَ حَمَّادٌ الْبَرْبَرِيُّ بِهَيْصَمٍ الْيَمَانِيِّ.