وَقِيلَ: إِنَّهَا خَرَجَتْ إِلَى جَانِبِ الْحُجُرَاتِ لِحَيْضٍ أَصَابَهَا فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَابًا مِنَ الْجُدْرَانِ، فَلَمَّا طَهُرَتْ إِذَا بِرَجُلٍ مَعَهَا، وَذَكَرَ الْآيَاتِ، فَلَمَّا حَمَلَتْ أَتَتْهَا خَالَتُهَا امْرَأَةُ زَكَرِيَّاءَ لَيْلَةً تَزُورُهَا، فَلَمَّا فَتَحَتْ لَهَا الْبَابَ الْتَزَمَتْهَا، فَقَالَتِ امْرَأَةُ زَكَرِيَّاءَ: إِنِّي حُبْلَى. فَقَالَتْ لَهَا مَرْيَمُ: وَأَنَا أَيْضًا حُبْلَى. قَالَتِ امْرَأَةُ زَكَرِيَّاءَ: فَإِنِّي وَجَدْتُ مَا فِي بَطْنِي يَسْجُدُ لِمَا فِي بَطْنِكِ.

وَوَلَدَتِ امْرَأَةُ زَكَرِيَّاءَ يَحْيَى. وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي مُدَّةِ حَمْلِهَا، فَقِيلَ: تِسْعَةُ أَشْهُرٍ، وَهُوَ قَوْلُ النَّصَارَى، وَقِيلَ ثَمَانِيَةُ أَشْهُرٍ، فَكَانَ ذَلِكَ آيَةً أُخْرَى لِأَنَّهُ لَمْ يَعِشْ مَوْلُودٌ لِثَمَانِيَةِ أَشْهُرِ غَيْرُهُ، وَقِيلَ: سِتَّةُ أَشْهُرٍ، وَقِيلَ ثَلَاثُ سَاعَاتٍ، وَقِيلَ: سَاعَةً وَاحِدَةً، وَهُوَ أَشْبَهُ بِظَاهِرِ الْقُرْآنِ الْعَزِيزِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا} [مريم: 22] عَقَبَةُ بِالْفَاءَ.

فَلَمَّا أَحَسَّتْ مَرْيَمُ خَرَجَتْ إِلَى جَانِبِ الْمِحْرَابِ الشَّرْقِيِّ فَأَتَتْ أَقْصَاهُ فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ - وَهِيَ تُطْلِقُ مِنَ الْحَبَلِ اسْتِحْيَاءً مِنَ النَّاسِ - يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا، يَعْنِي نُسِيَ ذِكْرِي وَأَثَرِي فَلَا يُرَى لِي أَثَرٌ وَلَا عَيْنٌ. قَالَتْ مَرْيَمُ: كُنْتُ إِذَا خَلَوْتُ حَدَّثَنِي عِيسَى وَحَدَّثْتُهُ، فَإِذَا كَانَ عِنْدَنَا إِنْسَانٌ سَمِعْتُ تَسْبِيحَهُ فِي بَطْنِي. فَنَادَاهَا جَبْرَائِيلُ مِنْ تَحْتِهَا - أَيْ مِنْ أَسْفَلِ الْجَبَلِ - أَنْ لَا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا وَهُوَ النَّهْرُ الصَّغِيرُ، أَجْرَاهُ تَحْتَهَا، فَمَنْ قَرَأَ: مِنْ تَحْتِهَا، بِكَسْرِ الْمِيمِ، جَعَلَ الْمُنَادِي جَبْرَائِيلَ، وَمَنْ فَتَحَهَا قَالَ إِنَّهُ عِيسَى، أَنْطَقَهُ اللَّهُ،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015