وَفِيهَا مَلَكَ الْفِرِنْجُ - لَعَنَهُمُ اللَّهُ - مَدِينَةَ بَرْشَلُونَةَ بِالْأَنْدَلُسِ، وَأَخَذُوهَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَنَقَلُوا حُمَاةَ ثُغُورِهِمْ إِلَيْهَا، وَتَأَخَّرَ الْمُسْلِمُونَ إِلَى وَرَائِهِمْ.
وَكَانَ سَبَبَ مُلْكِهِمْ إِيَّاهَا اشْتِغَالُ الْحَكَمِ صَاحِبِ الْأَنْدَلُسِ بِمُحَارَبَةِ عَمَّيْهِ عَبْدِ اللَّهِ وَسُلَيْمَانَ، عَلَى مَا تَقَدَّمَ.
وَفِيهَا سَارَ الرَّشِيدُ مِنَ الرَّقَّةِ إِلَى بَغْدَادَ عَلَى طَرِيقِ الْمَوْصِلِ.
وَفِيهَا مَاتَ يَقْطِينُ بْنُ مُوسَى بِبَغْدَاذَ.
وَفِيهَا أَيْضًا تُوُفِّيَ يَزِيدُ بْنُ مَزَيْدِ بْنِ زَائِدَةَ الشَّيْبَانِيُّ، وَهُوَ ابْنُ أَخِي مَعْنِ بْنِ زَائِدَةَ، بِمَدِينَةِ بَرْذَعَةَ، وَوَلِيَ مَكَانَهُ أَسَدُ بْنُ يَزِيدَ. وَكَانَ يَزِيدُ مُمَدَّحًا، جَوَدًا، كَرِيمًا، وَأَكْثَرَ الشُّعَرَاءُ مَرَاثِيَهُ.
وَمِنْ أَحْسَنِ مَا قِيلَ فِي الْمَرَاثِي مَا قَالَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ التَّمِيمِيُّ رِثَاءً لَهُ، فَأَثْبَتُّهُ لِجَوْدَتِهِ:
أَحَقًّا أَنَّهُ أَوْدَى يَزِيدُ؟ ... تَبَيَّنْ أَيُّهَا النَّاعِي الْمُشِيدُ
أَتَدْرِي مَنْ نَعَيْتَ وَكَيْفَ فَاهَتْ ... بِهِ شَفَتَاكَ؟ كَانَ بِهَا الصَّعِيدُ
أَحَامِي الْمَجْدِ وَالْإِسْلَامِ أَوْدَى؟ ... فَمَا لِلْأَرْضِ وَيْحَكَ لَا تَمِيدُ؟
تَأَمَّلْ، هَلْ تَرَى الْإِسْلَامَ مَالَتْ ... دَعَائِمُهُ؟ وَهَلْ شَابَ الْوَلِيدُ؟