شَدَّادٍ، فَقَدِمَهَا وَبِهَا إِسْمَاعِيلُ وَعَبْدُ الصَّمَدِ ابْنَا عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، فَبَلَغَهُمَا دُنُوُّ عَمْرٍو وَهُمَا بِإِصْطَخْرَ، فَقَصَدَا دَارَابَجَرْدَ فَتَحَصَّنَا بِهَا، فَصَارَتْ فَارِسُ فِي يَدِ عَمْرٍو، وَأَرْسَلَ إِبْرَاهِيمُ مَرْوَانَ بْنَ سَعِيدٍ الْعِجْلِيَّ فِي سَبْعَةَ عَشَرَ أَلْفًا إِلَى وَاسِطَ، وَبِهَا هَارُونُ بْنُ حُمَيْدٍ الْإِيَادِيُّ مِنْ قِبَلِ الْمَنْصُورِ، فَمَلَكَهَا الْعِجْلِيُّ.
وَأَرْسَلَ الْمَنْصُورُ لِحَرْبِهِ عَامِرَ بْنَ إِسْمَاعِيلَ الْمُسْلِيَّ فِي خَمْسَةِ آلَافٍ، وَقِيلَ: فِي عِشْرِينَ أَلْفًا، فَكَانَتْ بَيْنَهُمْ وَقَعَاتٌ ثُمَّ تَهَادَنُوا عَلَى تَرْكِ الْحَرْبِ حَتَّى يَنْظُرُوا مَا يَكُونُ مِنْ إِبْرَاهِيمَ وَالْمَنْصُورِ. فَلَمَّا قُتِلَ إِبْرَاهِيمُ هَرَبَ مَرْوَانُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْهُمَا فَاخْتَفَى حَتَّى مَاتَ.
فَلَمْ يَزَلْ إِبْرَاهِيمُ بِالْبَصْرَةِ يُفَرِّقُ الْعُمَّالَ وَالْجُيُوشَ حَتَّى أَتَاهُ نَعْيُ أَخِيهِ مُحَمَّدٍ قَبْلَ عِيدِ الْفِطْرِ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، فَخَرَجَ بِالنَّاسِ يَوْمَ الْعِيدِ وَفِيهِ الِانْكِسَارُ فَصَلَّى بِهِمْ وَأَخْبَرَهُمْ بِقَتْلِ مُحَمَّدٍ، فَازْدَادُوا فِي قِتَالِ الْمَنْصُورِ بَصِيرَةً، وَأَصْبَحَ مِنَ الْغَدِ فَعَسْكَرَ وَاسْتَخْلَفَ عَلَى الْبَصْرَةِ نُمَيْلَةَ وَخَلَّفَ ابْنَهُ حَسَنًا مَعَهُ.
ذِكْرُ مَسِيرِ إِبْرَاهِيمَ وَقَتْلِهِ
ثُمَّ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ عَزَمَ عَلَى الْمَسِيرِ، فَأَشَارَ أَصْحَابُهُ الْبَصْرِيُّونَ أَنْ " تُقِيمَ وَتُرْسِلَ الْجُنُودَ، فَيَكُونَ إِذَا انْهَزَمَ لَكَ جُنْدٌ أَمْدَدْتَهُمْ بِغَيْرِهِمْ، فَخِيفَ مَكَانُكَ، وَاتَّقَاكَ عَدُوُّكَ، وَجَبَيْتَ الْأَمْوَالَ، وَثَبَّتَّ وَطْأَتَكَ ".
فَقَالَ مَنْ عِنْدَهُ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ: إِنَّ بِالْكُوفَةِ أَقْوَامًا لَوْ رَأَوْكَ مَاتُوا دُونَكَ، وَإِنْ لَمْ يَرَوْكَ قَعَدَتْ بِهِمْ أَسْبَابٌ شَتَّى. فَسَارَ عَنِ الْبَصْرَةِ إِلَى الْكُوفَةِ.
وَكَانَ الْمَنْصُورُ لَمَّا بَلَغَهُ ظُهُورُ إِبْرَاهِيمَ فِي قِلَّةٍ مِنَ الْعَسْكَرِ قَالَ: وَاللَّهِ مَا أَدْرِي كَيْفَ أَصْنَعُ! مَا فِي عَسْكَرِي إِلَّا أَلْفَا رَجُلٍ، فَرَّقْتُ جُنْدِي: مَعَ الْمَهْدِيِّ بِالرَّيِّ ثَلَاثُونَ أَلْفًا، وَمَعَ مُحَمَّدِ بْنِ الْأَشْعَثِ بِإِفْرِيقِيَّةَ أَرْبَعُونَ أَلْفًا، وَالْبَاقُونَ مَعَ عِيسَى بْنِ مُوسَى، وَاللَّهِ لَئِنْ سَلِمْتُ مِنْ هَذِهِ لَا يُفَارِقُ عَسْكَرِي ثَلَاثُونَ أَلْفًا.
ثُمَّ كَتَبَ إِلَى عِيسَى بْنِ مُوسَى يَأْمُرُهُ بِالْعَوْدِ مُسْرِعًا، فَأَتَاهُ الْكِتَابُ وَقَدْ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ، فَتَرَكَهَا وَعَادَ. وَكَتَبَ إِلَى سَلْمِ بْنِ قُتَيْبَةَ فَقَدِمَ عَلَيْهِ مِنَ الرَّيِّ، فَقَالَ لَهُ الْمَنْصُورُ: اعْمِدْ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَلَا يَرُوعَنَّكَ جَمْعُهُ، فَوَاللَّهِ إِنَّهُمَا جَمَلَا بَنِي هَاشِمٍ الْمَقْتُولَانِ! فَثِقْ بِمَا أَقُولُ.
وَضَمَّ