أَخُوهُ عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَلِيٍّ أَرْسَلَهُ السَّفَّاحُ مَدَدًا لَهُ فِي أَرْبَعَةِ آلَافٍ، فَسَارَ بَعْدَ قُدُومِ عَبْدِ الصَّمَدِ بِيَوْمَيْنِ إِلَى قِنَّسْرِينَ، وَكَانُوا قَدْ سَوَّدُوا، (فَأَقَامَ يَوْمَيْنِ) ، ثُمَّ سَارَ إِلَى حِمْصَ وَبَايَعَ أَهْلَهَا وَأَقَامَ بِهَا أَيَّامًا، ثُمَّ سَارَ إِلَى بَعْلَبَكَّ، فَأَقَامَ يَوْمَيْنِ، ثُمَّ سَارَ فَنَزَلَ مِزَّةَ دِمَشْقَ، وَهِيَ قَرْيَةٌ مِنْ قُرَى الْغُوطَةِ.
وَقَدِمَ عَلَيْهِ أَخُوهُ صَالِحُ بْنُ عَلِيٍّ مَدَدًا، فَنَزَلَ مَرْجَ عَذْرَاءَ فِي ثَمَانِيَةِ آلَافٍ، ثُمَّ تَقَدَّمَ عَبْدُ اللَّهِ فَنَزَلَ عَلَى الْبَابِ الشَّرْقِيِّ، وَنَزَلَ صَالِحٌ عَلَى بَابِ الْجَابِيَةِ، وَنَزَلَ أَبُو عَوْنٍ عَلَى بَابِ كَيْسَانَ، وَنَزَلَ بَسَّامُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَلَى بَابِ الصَّغِيرِ، وَنَزَلَ حُمَيْدُ بْنُ قَحْطَبَةَ عَلَى بَابِ تُوَمَا، وَعَبْدُ الصَّمَدِ، وَيَحْيَى بْنُ صَفْوَانَ وَالْعَبَّاسُ بْنُ يَزِيدَ عَلَى بَابِ الْفَرَادِيسِ، وَفِي دِمَشْقَ الْوَلِيدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، فَحَصَرُوهُ وَدَخَلُوهَا عَنْوَةً يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ لِخَمْسٍ مَضَيْنَ مِنْ رَمَضَانَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَمِائَةٍ.
وَكَانَ أَوَّلَ مَنْ صَعِدَ سُورَ الْمَدِينَةِ مِنْ بَابٍ شَرْقِيٍّ عَبْدُ اللَّهِ الطَّائِيُّ، وَمِنْ نَاحِيَةِ بَابِ الصَّغِيرِ بَسَّامُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، فَقَاتَلُوا بِهَا ثَلَاثَ سَاعَاتٍ، وَقُتِلَ الْوَلِيدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ فِيمَنْ قُتِلَ.
وَأَقَامَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ فِي دِمَشْقَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا، ثُمَّ سَارَ يُرِيدُ فِلَسْطِينَ، فَلَقِيَهُ أَهْلُ الْأُرْدُنِّ وَقَدْ سَوَّدُوا، وَأَتَى نَهْرَ أَبِي فُطْرُسٍ وَقَدْ ذَهَبَ مَرْوَانُ، فَأَقَامَ عَبْدُ اللَّهِ بِفِلَسْطِينَ، وَنَزَلَ بِالْمَدِينَةِ يَحْيَى بْنُ جَعْفَرٍ الْهَاشِمِيُّ، فَأَتَاهُ كِتَابُ السَّفَّاحِ يَأْمُرُهُ بِإِرْسَالِ صَالِحِ بْنِ عَلِيٍّ فِي طَلَبِ مَرْوَانَ.
فَسَارَ صَالِحٌ مِنْ نَهْرِ أَبِي فُطْرُسٍ فِي ذِي الْقِعْدَةِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَمِائَةٍ، وَمَعَهُ ابْنُ فَتَّانٍ، وَعَامِرُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، فَقَدَّمَ صَالِحٌ أَبَا عَوْنٍ، وَعَامِرَ بْنَ إِسْمَاعِيلَ الْحَارِثِيَّ، فَسَارُوا حَتَّى بَلَغُوا الْعَرِيشَ.
فَأَحْرَقَ مَرْوَانُ مَا كَانَ حَوْلَهُ مِنْ عَلَفٍ وَطَعَامٍ.
وَسَارَ صَالِحٌ فَنَزَلَ النِّيلَ، ثُمَّ سَارَ حَتَّى أَتَى الصَّعِيدَ، وَبَلَغَهُ أَنَّ خَيْلًا لِمَرْوَانَ يُحْرِقُونَ الْأَعْلَافَ فَوَجَّهَ إِلَيْهِمْ فَأُخِذُوا، وَقَدِمَ بِهِمْ عَلَى صَالِحٍ وَهُوَ بِالْفُسْطَاطِ، وَسَارَ فَنَزَلَ مَوْضِعًا يُقَالُ لَهُ ذَاتُ السَّلَاسِلِ.
وَقَدَّمَ أَبُو عَوْنٍ عَامِرَ بْنَ إِسْمَاعِيلَ الْحَارِثِيَّ، وَشُعْبَةَ بْنَ كَثِيرٍ الْمَازِنِيَّ فِي خَيْلِ أَهْلِ الْمَوْصِلِ، فَلَقُوا خَيْلًا لِمَرْوَانَ، فَهَزَمُوهُمْ وَأَسَرُوا مِنْهُمْ رِجَالًا، فَقَتَلُوا بَعْضًا وَاسْتَحْيَوْا بَعْضًا، فَسَأَلُوهُمْ عَنْ مَرْوَانَ فَأَخْبَرُوهُمْ بِمَكَانِهِ عَلَى أَنْ يُؤَمِّنُوهُمْ.
وَسَارُوا فَوَجَدُوهُ نَازِلًا فِي كَنِيسَةٍ فِي بُوصِيرَ، فَوَافَوْهُ لَيْلًا، وَكَانَ أَصْحَابُ أَبِي عَوْنٍ قَلِيلِينَ، فَقَالَ لَهُمْ عَامِرُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ: إِنْ أَصْبَحْنَا وَرَأَوْا قِلَّتَنَا أَهْلَكُونَا وَلَمْ يَنْجُ مِنَّا أَحَدٌ.
وَكَسَرَ جَفْنَ سَيْفِهِ وَفَعَلَ أَصْحَابُهُ مِثْلَهُ، وَحَمَلُوا عَلَى أَصْحَابِ مَرْوَانَ فَانْهَزَمُوا، وَحَمَلَ رَجُلٌ عَلَى مَرْوَانَ فَطَعَنَهُ وَهُوَ لَا يَعْرِفُهُ، وَصَاحَ صَائِحٌ: صُرِعَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ! فَابْتَدَرُوهُ فَسَبَقَ إِلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ