أَهْلِ الْكُوفَةِ كَانَ يَبِيعُ الرُّمَّانَ فَاحْتَزَّ رَأْسَهُ، فَأَخَذَهُ عَامِرٌ فَبَعَثَ بِهِ إِلَى أَبِي عَوْنٍ، وَبَعَثَهُ أَبُو عَوْنٍ إِلَى صَالِحٍ.

فَلَمَّا وَصَلَ إِلَيْهِ أَمَرَ أَنْ يُقَصَّ لِسَانُهُ، فَانْقَطَعَ لِسَانُهُ، فَأَخَذَهُ هِرٌّ، فَقَالَ صَالِحٌ: مَاذَا تُرِينَا الْأَيَّامُ مِنَ الْعَجَائِبِ وَالْعِبَرِ! هَذَا لِسَانُ مَرْوَانَ قَدْ أَخَذَهُ هِرٌّ.

وَقَالَ شَاعِرٌ:

قَدْ فَتَحَ اللَّهُ مِصْرًا عَنْوَةً لَكُمْ ... وَأَهْلَكَ الْفَاجِرَ الْجَعْدِيَّ إِذْ ظَلَمَا

فَلَاكَ مِقْوَلَهُ هِرٌّ يُجَرِّرُهُ ... وَكَانَ رَبُّكَ مِنْ ذِي الْكُفْرِ مُنْتَقِمًا

وَسَيَّرَهُ صَالِحٌ إِلَى أَبِي الْعَبَّاسِ السَّفَّاحِ.

وَكَانَ قَتْلُهُ لِلَيْلَتَيْنِ بَقِيَتَا مِنْ ذِي الْحِجَّةِ، وَرَجَعَ صَالِحٌ إِلَى الشَّامِ، وَخَلَّفَ أَبَا عَوْنٍ بِمِصْرَ وَسَلَّمَ إِلَيْهِ السِّلَاحَ وَالْأَمْوَالَ وَالرَّقِيقَ.

وَلَمَّا وَصَلَ الرَّأْسُ إِلَى السَّفَّاحِ كَانَ بِالْكُوفَةِ، فَلَمَّا رَآهُ سَجَدَ ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَظْهَرَنِي عَلَيْكَ وَأَظْفَرَنِي بِكَ، وَلَمْ يُبْقِ ثَأْرِي قِبَلَكَ، وَقِبَلَ رَهْطِكَ أَعْدَاءِ الدِّينِ! وَتَمَثَّلَ:

لَوْ يَشْرَبُونَ دَمِي لَمْ يُرْوَ شَارِبُهُمْ ... وَلَا دِمَاؤُهُمْ لِلْغَيْظِ تَرْوِينِي

وَلِمَا قُتِلَ مَرْوَانُ هَرَبَ ابْنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ وَعُبَيْدُ اللَّهِ إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ، فَلَقُوا مِنَ الْحَبَشَةِ بَلَاءً، قَاتَلَهُمْ الْحَبَشَةُ فَقُتِلَ عُبَيْدُ اللَّهِ وَنَجَا عَبْدُ اللَّهِ فِي عِدَّةٍ مِمَّنْ مَعَهُ، فَبَقِيَ إِلَى خِلَافَةِ الْمَهْدِيِّ، فَأَخَذَهُ نَصْرُ بْنُمُحَمَّدِ بْنِ الْأَشْعَثِ، عَامِلُ فِلَسْطِينَ، فَبَعَثَ بِهِ إِلَى الْمَهْدِيِّ.

وَلَمَّا قُتِلَ مَرْوَانُ قَصَدَ عَامِرٌ الْكَنِيسَةَ الَّتِي فِيهَا حُرَمُ مَرْوَانَ، وَكَانَ قَدْ وَكَّلَ بِهِنَّ خَادِمًا، وَأَمَرَهُ أَنْ يَقْتُلَهُنَّ بَعْدَهُ، فَأَخَذَهُ عَامِرٌ وَأَخَذَ نِسَاءَ مَرْوَانَ وَبَنَاتِهِ، فَسَيَّرَهُنَّ إِلَى صَالِحِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ.

فَلَمَّا دَخَلْنَ عَلَيْهِ تَكَلَّمَتِ ابْنَةُ مَرْوَانَ الْكُبْرَى، فَقَالَتْ: يَا عَمَّ أَمِيرِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015