فَقَالَ: هُوَ هَذَا. فَخَلَّى سَبِيلَهُ، فَقَالَ رَجُلٌ مَعَ مَرْوَانَ حِينَ نَظَرَ الْمُخَارِقَ، وَهُوَ لَا يَعْرِفُهُ: لَعَنَ اللَّهُ أَبَا مُسْلِمٍ حِينَ جَاءَنَا بِهَؤُلَاءِ يُقَاتِلُنَا بِهِمْ.

وَقِيلَ: إِنَّ الْمُخَارِقَ لَمَّا نَظَرَ إِلَى الرُّءُوسِ قَالَ: مَا أَرَى رَأْسَهُ فِيهَا وَلَا أُرَاهُ إِلَّا قَدْ ذَهَبَ. فَخَلَّى سَبِيلَهُ.

وَلَمَّا بَلَغَتِ الْهَزِيمَةُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَلِيٍّ أَرْسَلَ إِلَى طَرِيقِ الْمُنْهَزِمِينَ مَنْ يَمْنَعُهُمْ مِنْ دُخُولِ الْعَسْكَرِ لِئَلَّا يُنْكِرَ قَوْمُهُمْ، وَأَشَارَ عَلَيْهِ أَبُو عَوْنٍ أَنْ يُبَادِرَ مَرْوَانَ بِالْقِتَالِ قَبْلَ أَنْ يَظْهَرَ أَمْرُ الْمُخَارِقِ، فَيَفُتَّ ذَلِكَ فِي أَعْضَادِ النَّاسِ، فَنَادَى فِيهِمْ بِلُبْسِ السِّلَاحِ وَالْخُرُوجِ إِلَى الْحَرْبِ، فَرَكِبُوا، وَاسْتَخْلَفَ عَلَى عَسْكَرِهِ مُحَمَّدَ بْنَ صُولٍ، وَسَارَ نَحْوَ مَرْوَانَ، وَجَعَلَ عَلَى مَيْمَنَتِهِ أَبَا عَوْنٍ، وَعَلَى مَيْسَرَتِهِ الْوَلِيدَ بْنَ مُعَاوِيَةَ، وَكَانَ عَسْكَرُهُ عِشْرِينَ أَلْفًا، وَقِيلَ: اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا، (وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ) .

فَلَمَّا الْتَقَى الْعَسْكَرَانِ قَالَ مَرْوَانُ لِعَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ: إِنْ زَالَتِ الْيَوْمَ الشَّمْسُ وَلَمْ يُقَاتِلُونَا كُنَّا الَّذِينَ نَدْفَعُهَا إِلَى الْمَسِيحِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَإِنْ قَاتَلُونَا فَأَقْبَلَ الزَّوَالُ، فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ.

وَأَرْسَلَ مَرْوَانُ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ يَسْأَلُهُ الْمُوَادَعَةَ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: كَذَبَ ابْنُ زُرَيْقٍ، لَا تَزُولُ الشَّمْسُ حَتَّى أُوَطِّئَهُ الْخَيْلَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ.

فَقَالَ مَرْوَانُ لِأَهْلِ الشَّامِ: قِفُوا لَا نَبْدؤُهُمْ بِالْقِتَالِ، وَجَعَلَ يَنْظُرُ إِلَى الشَّمْسِ، فَحَمَلَ الْوَلِيدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ بْنِ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ، وَهُوَ خَتْنُ مَرْوَانَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَلَى ابْنَتِهِ، فَغَضِبَ وَشَتَمَهُ، وَقَاتَلَ ابْنُ مُعَاوِيَةَ أَبَا عَوْنٍ، فَانْحَازَ أَبُو عَوْنٍ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيٍّ، فَقَالَ لِمُوسَى بْنِ كَعْبٍ: يَا عَبْدَ اللَّهِ مُرِ النَّاسَ فَلْيَنْزِلُوا. فَنُودِيَ: الْأَرْضَ، فَنَزَلَ النَّاسُ وَأَشْرَعُوا الرِّمَاحَ وَجَثَوْا عَلَى الرُّكَبِ فَقَاتَلُوهُمْ، وَجَعَلَ أَهْلُ الشَّامِ يَتَأَخَّرُونَ كَأَنَّهُمْ يُدْفَعُونَ.

وَمَشَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ قُدُمًا وَهُوَ يَقُولُ: يَا رَبِّ حَتَّى مَتَى نُقْتَلُ فِيكَ؟ وَنَادَى: يَا أَهْلَ خُرَاسَانَ! يَا لَثَارَاتِ إِبْرَاهِيمَ! يَا مُحَمَّدُ! يَا مَنْصُورُ! وَاشْتَدَّ بَيْنَهُمُ الْقِتَالُ. فَقَالَ مَرْوَانُ لِقُضَاعَةَ: انْزِلُوا. فَقَالُوا: قُلْ لِبَنِي سُلَيْمٍ فَلْيَنْزِلُوا.

فَأَرْسَلَ إِلَى السَّكَاسِكِ أَنِ احْمِلُوا، فَقَالُوا: قُلْ لِبَنِي عَامِرٍ فَلْيَحْمِلُوا. فَأَرْسَلَ إِلَى السَّكُونِ أَنِ احْمِلُوا،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015