سَقَى اللَّهُ أَرْوَاحَ الَّذِينَ تَبَادَرُوا ... إِلَى نَصْرِهِ سُقْيًا مِنَ الْغَيْثِ دَائِمَهْ

وَقَفْتُ عَلَى أَجْدَاثِهِمْ وَمَحَالِّهِمْ ... فَكَادَ الْحَشَا يَنْقَضُّ وَالْعَيْنُ سَاجِمَهْ

لَعَمْرِي لَقَدْ كَانُوا مَصَالِيتَ فِي الْوَغَى ... سِرَاعًا إِلَى الْهَيْجَا حُمَاةً خَضَارِمَهْ

تَأَسَّوْا عَلَى نَصْرِ ابْنِ بِنْتِ نَبِيِّهِمْ ... بِأَسْيَافِهِمْ آسَادُ غِيلٍ ضَرَاغِمَهْ

فَإِنْ يَقْتُلُوا فِي كُلِّ نَفْسٍ بَقِيَّةً ... عَلَى الْأَرْضِ قَدْ أَضْحَتْ لِذَلِكَ وَاجِمَهْ

وَمَا إِنْ رَأَى الرَّاءُونَ أَفْضَلَ مِنْهُمُ ... لَدَى الْمَوْتِ سَادَاتٍ وَزُهْرًا قَمَاقِمَهْ

يُقَتِّلُهُمْ ظُلْمًا وَيَرْجُو وِدَادَنَا ... فَدَعْ خُطَّةً لَيْسَتْ لَنَا بِمُلَائِمَهْ

لَعَمْرِي لَقَدْ رَاغَمْتُمُونَا بِقَتْلِهِمْ ... فَكَمْ نَاقِمٍ مِنَّا عَلَيْكُمْ وَنَاقِمَهْ

أَهِمُّ مِرَارًا أَنْ أَسِيرَ بِجَحْفَلٍ إِلَى فِئَةٍ ... زَاغَتْ عَنِ الْحَقِّ ظَالِمَهْ فَكُفُّوا وَإِلَّا زِدْتُكُمْ

فِي كَتَائِبٍ أَشُدَّ عَلَيْكُمْ مِنْ زُحُوفِ الدَّيَالِمَهْ

وَأَقَامَ ابْنُ الْحُرِّ بِمَنْزِلِهِ عَلَى شَاطِئِ الْفُرَاتِ إِلَى أَنْ مَاتَ يَزِيدُ وَوَقَعَتِ الْفِتْنَةُ، فَقَالَ: مَا أَرَى قُرَيْشًا تُنْصِفُ، أَيْنَ أَبْنَاءُ الْحَرَائِرِ؟ فَأَتَاهُ كُلُّ خَلِيعٍ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الْمَدَائِنِ فَلَمْ يَدَعْ مَالًا قُدِمَ بِهِ لِلسُّلْطَانِ إِلَّا أَخَذَ مِنْهُ عَطَاءَهُ وَعَطَاءَ أَصْحَابِهِ، وَيَكْتُبُ لِصَاحِبِ الْمَالِ بِذَلِكَ، ثُمَّ جَعَلَ يَتَقَصَّى الْكُوَرَ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ، إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِمَالِ أَحَدٍ وَلَا ذِمَّةٍ. فَلَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ حَتَّى ظَهَرَ الْمُخْتَارُ وَسَمِعَ مَا يَعْمَلُ فِي السَّوَادِ، فَأَخَذَ امْرَأَتَهُ فَحَبَسَهَا، فَأَقْبَلَ عُبَيْدُ اللَّهِ فِي أَصْحَابِهِ إِلَى الْكُوفَةِ، فَكَسَرَ بَابَ السِّجْنِ وَأَخْرَجَهَا، وَأَخْرَجَ كُلَّ امْرَأَةٍ فِيهِ، وَقَالَ فِي ذَلِكَ:

أَلَمْ تَعْلَمِي يَا أُمَّ تَوْبَةَ أَنَّنِي ... أَنَا الْفَارِسُ الْحَامِي حَقَائِقَ مَذْحِجِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015