أَرَجَفُوا بِيَزِيدَ، وَاجْتَمَعَتِ الشِّيعَةُ فِي مَنْزِلِ سُلَيْمَانَ بْنِ صُرَدٍ (الْخُزَاعِيِّ، فَذَكَرُوا مَسِيرَ الْحُسَيْنِ إِلَى مَكَّةَ وَكَتَبُوا إِلَيْهِ عَنْ نَفَرٍ، مِنْهُمْ: سُلَيْمَانُ بْنُ صُرَدٍ الْخُزَاعِيُّ) ، وَالْمُسَيَّبُ بْنُ نَجَبَةَ، وَرِفَاعَةُ بْنُ شَدَّادٍ وَحَبِيبُ بْنُ مُطَهَّرٍ وَغَيْرُهُمْ:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، سَلَامٌ عَلَيْكَ، فَإِنَّنَا نَحْمَدُ إِلَيْكَ اللَّهَ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، أَمَّا بَعْدُ فَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي قَصَمَ عَدُوَّكَ الْجَبَّارَ الْعَنِيدَ الَّذِي انْتَزَى عَلَى هَذِهِ الْأُمَّةِ فَابْتَزَّهَا أَمْرَهَا، وَغَصَبَهَا فَيْئَهَا، وَتَأَمَّرَ عَلَيْهَا بِغَيْرِ رِضًى مِنْهَا ثُمَّ قَتَلَ خِيَارَهَا، وَاسْتَبْقَى شِرَارَهَا، وَإِنَّهُ لَيْسَ عَلَيْنَا إِمَامٌ فَأَقْبِلْ؛ لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَجْمَعَنَا بِكَ عَلَى الْحَقِّ، وَالنُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ فِي قَصْرِ الْإِمَارَةِ لَسْنَا نَجْتَمِعُ مَعَهُ فِي جُمُعَةٍ وَلَا عِيدٍ، وَلَوْ بَلَغَنَا إِقْبَالُكَ إِلَيْنَا أَخْرَجْنَاهُ حَتَّى نُلْحِقَهُ بِالشَّامِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَالسَّلَامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ.
وَسَيَّرُوا الْكِتَابَ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَبُعٍ الْهَمْدَانِيِّ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَالٍ، ثُمَّ كَتَبُوا إِلَيْهِ كِتَابًا آخَرَ وَسَيَّرُوهُ بَعْدَ لَيْلَتَيْنِ، فَكَتَبَ النَّاسُ مَعَهُ نَحْوًا مِنْ مِائَةٍ وَخَمْسِينَ صَحِيفَةً ثُمَّ أَرْسَلُوا إِلَيْهِ رَسُولًا ثَالِثًا يَحُثُّونَهُ عَلَى الْمَسِيرِ إِلَيْهِمْ، ثُمَّ كَتَبَ إِلَيْهِ شَبَثُ بْنُ رِبْعِيٍّ وَحَجَّارُ بْنُ أَبْجَرَ وَيَزِيدُ بْنُ الْحَارِثِ وَيَزِيدُ بْنُ رُوَيْمٍ وَعُرْوَةُ بْنُ قَيْسٍ وَعَمْرُو بْنُ الْحَجَّاجِ الزُّبَيْدِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ عُمَيْرٍ التَّمِيمِيُّ بِذَلِكَ.
فَكَتَبَ إِلَيْهِمُ الْحُسَيْنُ عِنْدَ اجْتِمَاعِ الْكُتُبِ عِنْدَهُ: أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ فَهِمْتُ كُلَّ الَّذِي اقْتَصَصْتُمْ وَقَدْ بَعَثْتُ إِلَيْكُمْ أَخِي وَابْنَ عَمِّي وَثِقَتِي مِنْ أَهْلِ بَيْتِي مُسْلِمَ بْنَ عَقِيلٍ وَأَمَرْتُهُ أَنْ يَكْتُبَ إِلَيَّ بِحَالِكُمْ وَأَمْرِكُمْ وَرَأْيِكُمْ، فَإِنْ كَتَبَ إِلَيَّ أَنَّهُ قَدِ اجْتَمَعَ رَأْيُ مَلَئِكُمْ وَذَوِي الْحِجَى مِنْكُمْ عَلَى مِثْلِ مَا قَدِمَتْ بِهِ رُسُلُكُمْ أَقْدَمُ إِلَيْكُمْ وَشِيكًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ، فَلَعَمْرِي مَا الْإِمَامُ إِلَّا الْعَامِلُ بِالْكِتَابِ وَالْقَائِمُ بِالْقِسْطِ وَالدَّائِنُ بِدِينِ الْحَقِّ، وَالسَّلَامُ.
وَاجْتَمَعَ نَاسٌ مِنَ الشِّيعَةِ بِالْبَصْرَةِ فِي مَنْزِلِ امْرَأَةٍ مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ يُقَالُ لَهَا مَارِيَةُ بِنْتُ سَعْدٍ، وَكَانَتْ تَتَشَيَّعُ، وَكَانَ مَنْزِلُهَا لَهُمْ مَأْلَفًا يَتَحَدَّثُونَ فِيهِ.
فَعَزَمَ يَزِيدُ بْنُ نُبَيْطٍ عَلَى