جَامِعَةٍ، وَيُقَالُ: حَتَّى أَجْعَلَ فِي عُنُقِكَ جَامِعَةً مِنْ فِضَّةٍ لَا تُرَى، وَلَا يَضْرِبُ النَّاسُ بَعْضَهُمْ بَعْضًا فَإِنَّكَ فِي بَلَدٍ حَرَامٍ.

فَأَرْسَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ صَفْوَانَ نَحْوَ أُنَيْسٍ فِيمَنْ مَعَهُ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ مِمَّنِ اجْتَمَعَ إِلَيْهِ، فَهَزَمَهُ ابْنُ صَفْوَانَ بِذِي طُوًى وَأَجْهَزَ عَلَى جَرِيحِهِمْ وَقَتَلَ أُنَيْسَ بْنَ عَمْرٍو وَسَارَ مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِلَى عَمْرِو بْنِ الزُّبَيْرِ، فَتَفَرَّقَ عَنْ عَمْرٍو أَصْحَابُهُ، فَدَخَلَ دَارَ (ابْنِ) عَلْقَمَةَ، فَأَتَاهُ أَخُوهُ عُبَيْدَةُ فَأَجَارَهُ، ثُمَّ أَتَى عَبْدَ اللَّهِ فَقَالَ لَهُ: إِنِّي قَدْ أَجَرْتُ عَمْرًا، فَقَالَ: أَتُجِيرُ مِنْ حُقُوقِ النَّاسِ! هَذَا مَا لَا يَصْلُحُ وَمَا أَمَرْتُكَ أَنْ تُجِيرَ هَذَا الْفَاسِقَ الْمُسْتَحِلَّ لِحُرُمَاتِ اللَّهِ.

ثُمَّ أَقَادَ عَمْرًا مِنْ كُلِّ مَنْ ضَرَبَهُ إِلَّا الْمُنْذِرَ وَابْنَهُ فَإِنَّهُمَا أَبَيَا أَنْ يَسْتَقِيدَا، وَمَاتَ تَحْتَ السِّيَاطِ.

ذِكْرُ الْخَبَرِ عَنْ مُرَاسَلَةِ الْكُوفِيِّينَ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ لِيَسِيرَ إِلَيْهِمْ وَقَتْلِ مُسْلِمِ بْنِ عَقِيلٍ

لَمَّا خَرَجَ الْحُسَيْنُ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى مَكَّةَ لَقِيَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُطِيعٍ فَقَالَ لَهُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ! أَيْنَ تُرِيدُ؟ قَالَ: أَمَّا الْآنَ فَمَكَّةَ، وَأَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي أَسْتَخِيرُ اللَّهَ.

قَالَ خَارَ اللَّهُ لَكَ وَجَعَلَنَا فِدَاكَ! فَإِذَا أَتَيْتَ مَكَّةَ فَإِيَّاكَ أَنْ تَقْرَبَ الْكُوفَةَ فَإِنَّهَا بَلْدَةٌ مَشْئُومَةٌ، بِهَا قُتِلَ أَبُوكَ وَخُذِلَ أَخُوكَ وَاغْتِيلَ بِطَعْنَةٍ كَادَتْ تَأْتِي عَلَى نَفْسِهِ، الْزَمِ الْحَرَمَ فَإِنَّكَ سَيِّدُ الْعَرَبِ لَا يَعْدِلُ بِكَ أَهْلُ الْحِجَازِ أَحَدًا وَيَتَدَاعَى إِلَيْكَ النَّاسُ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ، لَا تُفَارِقِ الْحَرَمَ، فِدَاكَ عَمِّي وَخَالِي! فَوَاللَّهِ لَئِنْ هَلَكْتَ لَنُسْتَرَقَنَّ بَعْدَكَ.

فَأَقْبَلَ حَتَّى نَزَلَ مَكَّةَ وَأَهْلُهَا مُخْتَلِفُونَ إِلَيْهِ وَيَأْتُونَهُ وَمَنْ بِهَا مِنَ الْمُعْتَمِرِينَ وَأَهْلِ الْآفَاقِ، وَابْنُ الزُّبَيْرِ بِهَا قَدْ لَزِمَ جَانِبَ الْكَعْبَةِ فَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي عِنْدَهَا عَامَّةَ النَّهَارِ وَيَطُوفُ وَيَأْتِي الْحُسَيْنَ فِيمَنْ يَأْتِيهِ وَلَا يَزَالُ يُشِيرُ عَلَيْهِ بِالرَّأْيِ، وَهُوَ أَثْقَلُ خَلْقِ اللَّهِ عَلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ، لِأَنَّ أَهْلَ الْحِجَازِ لَا يُبَايِعُونَهُ (مَا دَامَ الْحُسَيْنُ بَاقِيًا) بِالْبَلَدِ.

وَلَمَّا بَلَغَ أَهْلَ الْكُوفَةِ مَوْتُ مُعَاوِيَةَ وَامْتِنَاعُ الْحُسَيْنِ وَابْنُ عُمَرَ وَابْنُ الزُّبَيْرِ عَنِ الْبَيْعَةِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015