عُمَرَ: لَا تُفَرِّقَا جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ.
وَقَدِمَ هُوَ وَابْنُ عَبَّاسٍ الْمَدِينَةَ.
فَلَمَّا بَايَعَ النَّاسُ بَايَعَا.
قَالَ: وَدَخَلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ مَكَّةَ وَعَلَيْهَا عَمْرُو بْنُ سَعِيدٍ، فَلَمَّا دَخَلَهَا قَالَ: أَنَا عَائِذٌ بِالْبَيْتِ.
وَلَمْ يَكُنْ يُصَلِّي بِصَلَاتِهِمْ وَلَا يَفِيضُ بِإِفَاضَتِهِمْ، وَكَانَ يَقِفُ هُوَ وَأَصْحَابُهُ نَاحِيَةً.
ذِكْرُ عَزْلِ الْوَلِيدِ عَنِ الْمَدِينَةِ وَوِلَايَةِ عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ عُزِلَ الْوَلِيدُ بْنُ عُتْبَةَ عَنِ الْمَدِينَةِ، عَزَلَهُ يَزِيدُ، وَاسْتَعْمَلَ عَلَيْهَا عَمْرَو بْنَ سَعِيدٍ الْأَشْدَقَ، فَقَدِمَهَا فِي رَمَضَانَ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ أَهْلُ الْمَدِينَةِ، وَكَانَ عَظِيمَ الْكِبَرِ، وَاسْتَعْمَلَ عَلَى شُرْطَتِهِ عَمْرَو بْنَ الزُّبَيْرِ لِمَا كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ عَبْدِ اللَّهِ مِنَ الْبَغْضَاءِ، فَأَرْسَلَ إِلَى نَفَرٍ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ فَضَرَبَهُمْ ضَرْبًا شَدِيدًا لِهَوَاهُمْ فِي أَخِيهِ عَبْدِ اللَّهِ، مِنْهُمْ: أَخُوهُ الْمُنْذِرُ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَابْنُهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْذِرِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْأَسْوَدِ بْنِ عَبْدِ يَغُوثَ، وَعُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ، وَغَيْرُهُمْ، فَضَرَبَهُمُ الْأَرْبَعِينَ إِلَى الْخَمْسِينَ إِلَى السِّتِينَ.
فَاسْتَشَارَ عَمْرُو بْنُ سَعِيدٍ عَمْرَو بْنَ الزُّبَيْرِ فِيمَنْ يُرْسِلُهُ إِلَى أَخِيهِ.
فَقَالَ: لَا تُوَجِّهْ إِلَيْهِ رَجُلًا أَنَكَأَ لَهُ مِنِّي.
فَجَهَّزَ مَعَهُ النَّاسَ وَفِيهِمْ أُنَيْسُ بْنُ عَمْرٍو الْأَسْلَمِيُّ فِي سَبْعِمِائَةٍ، فَجَاءَ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ إِلَى عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ فَقَالَ لَهُ: لَا تَغْزُ مَكَّةَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَلَا تُحِلَّ حُرْمَةَ الْبَيْتِ وَخَلُّوا ابْنَ الزُّبَيْرِ فَقَدْ كَبِرَ وَلَهُ سِتُّونَ سَنَةً وَهُوَ لَجُوجٌ.
فَقَالَ عَمْرُو بْنُ الزُّبَيْرِ: وَاللَّهِ لَنَغْزُوَنَّهُ فِي جَوْفِ الْكَعْبَةِ عَلَى رَغْمِ أَنْفِ مِنْ رَغِمَ.
وَأَتَى أَبُو شُرَيْحٍ الْخُزَاعِيُّ إِلَى عَمْرٍو فَقَالَ لَهُ: لَا تَغْزُ مَكَّةَ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «إِنَّمَا أُذِنَ لِي بِالْقِتَالِ فِيهَا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ ثُمَّ عَادَتْ كَحُرْمَتِهَا بِالْأَمْسِ» . فَقَالَ لَهُ عَمْرٌو: نَحْنُ أَعْلَمُ بِحُرْمَتِهَا مِنْكَ أَيُّهَا الشَّيْخُ. فَسَارَ أُنَيْسٌ فِي مُقَدِّمَتِهِ.
وَقِيلَ: إِنَّ يَزِيدَ كَتَبَ إِلَى عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ لِيُرْسِلَ عَمْرَو بْنَ الزُّبَيْرِ إِلَى أَخِيهِ عَبْدِ اللَّهِ، فَفَعَلَ، فَأَرْسَلَهُ وَمَعَهُ جَيْشٌ نَحْوُ أَلْفَيْ رَجُلٍ، فَنَزَلَ أُنَيْسٌ بِذِي طُوًى وَنَزَلَ عَمْرٌو بِالْأَبْطَحِ، فَأَرْسَلَ عَمْرٌو إِلَى أَخِيهِ: بِرَّ يَمِينَ يَزِيدَ، وَكَانَ حَلَفَ أَنْ لَا يَقْبَلَ بَيْعَتَهُ إِلَّا أَنْ يُؤْتِيَ بِهِ فِي