فَدَعْ عَنْكَ مَا لَسْتَ مُدْرِكَهُ! سِيرُوا إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَسَيِّدِ الْمُسْلِمِينَ، انْفَرُوا إِلَيْهِ أَجْمَعِينَ تُصِيبُوا الْحَقَّ.

فَقَامَ الْقَعْقَاعُ بْنُ عَمْرٍو فَقَالَ: إِنِّي لَكُمْ نَاصِحٌ وَعَلَيْكُمْ شَفِيقٌ، أُحِبُّ لَكُمْ أَنْ تَرْشُدُوا، وَلَأَقُولَنَّ لَكُمْ قَوْلًا هُوَ الْحَقُّ، (أَمَّا مَا قَالَ الْأَمِيرُ فَهُوَ الْحَقُّ) لَوْ أَنَّ إِلَيْهِ سَبِيلًا، وَأَمَّا مَا قَالَ زَيْدٌ، فَزِيدٌ عَدُوُّ هَذَا الْأَمْرِ فَلَا تَسْتَنْصِحُوهُ، وَالْقَوْلُ الَّذِي هُوَ الْحَقُّ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إِمَارَةٍ تُنَظِّمُ النَّاسَ وَتَزِعُ الظَّالِمَ وَتُعِزُّ الْمَظْلُومَ، وَهَذَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ وُلِّيَ بِمَا وُلِّيَ وَقَدْ أَنْصَفَ فِي الدُّعَاءِ، وَإِنَّمَا يَدْعُو إِلَى الْإِصْلَاحِ، فَانْفِرُوا وَكُونُوا مِنْ هَذَا الْأَمْرِ بِمَرْأًى وَمَسْمَعٍ.

وَقَالَ عَبْدُ الْخَيْرِ الْخَيْوَانِيُّ: يَا أَبَا مُوسَى هَلْ بَايَعَ طَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: هَلْ أَحْدَثَ عَلِيٌّ مَا يَحِلُّ بِهِ نَقْضُ بَيْعَتِهِ؟ قَالَ: لَا أَدْرِي. قَالَ: لَا دَرَيْتَ، نَحْنُ نَتْرُكُكَ حَتَّى تَدْرِيَ، هَلْ تَعْلَمُ أَحَدًا خَارِجًا مِنْ هَذِهِ الْفِتْنَةِ؟ إِنَّمَا النَّاسُ أَرْبَعُ فِرَقٍ: عَلِيٌّ بِظَهْرِ الْكُوفَةِ، وَطَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ بِالْبَصْرَةِ، وَمُعَاوِيَةُ بِالشَّامِ، وَفِرْقَةٌ بِالْحِجَازِ، لَا غَنَاءَ بِهَا، وَلَا يُقَاتَلُ بِهَا عَدُوٌّ. . فَقَالَ أَبُو مُوسَى: أُولَئِكَ خَيْرُ النَّاسِ، وَهِيَ فِتْنَةٌ. فَقَالَ عَبْدُ الْخَيْرِ: غَلَبَ عَلَيْكَ غِشُّكَ يَا أَبَا مُوسَى! فَقَالَ سَيْحَانُ بْنُ صُوحَانَ: أَيُّهَا النَّاسُ، لَا بُدَّ لِهَذَا الْأَمْرِ وَهَؤُلَاءِ النَّاسِ مِنْ وَالٍ يَدْفَعُ الظَّالِمَ وَيُعِزُّ الْمَظْلُومَ وَيَجْمَعُ النَّاسَ، وَهَذَا وَالِيكُمْ يَدْعُوكُمْ لِتَنْظُرُوا فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ صَاحِبَيْهِ، وَهُوَ الْمَأْمُونُ عَلَى الْأُمَّةِ، الْفَقِيهُ فِي الدِّينِ، فَمَنْ نَهَضَ إِلَيْهِ فَإِنَّا سَائِرُونَ مَعَهُ. فَلَمَّا فَرَغَ سَيْحَانُ قَالَ عَمَّارٌ: هَذَا ابْنُ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَسْتَنْفِرُكُمْ إِلَى زَوْجَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَإِلَى طَلْحَةَ وَالزُّبَيْرِ، وَإِنِّي أَشْهَدُ أَنَّهَا زَوْجَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، فَانْظُرُوا ثُمَّ انْظُرُوا فِي الْحَقِّ فَقَاتِلُوا مَعَهُ. فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: أَنَا مَعَ مَنْ شَهِدْتَ لَهُ بِالْجَنَّةِ عَلَى مَنْ لَمْ تَشْهَدْ لَهُ. فَقَالَ لَهُ الْحَسَنُ: اكْفُفْ عَنَّا فَإِنَّ لِلْإِصْلَاحِ أَهْلًا. وَقَامَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ أَجِيبُوا دَعْوَةَ أَمِيرِكُمْ وَسِيرُوا إِلَى إِخْوَانِكُمْ، فَإِنَّهُ سَيُوجَدُ لِهَذَا الْأَمْرِ مَنْ يَنْفِرُ إِلَيْهِ، وَوَاللَّهِ لَأَنْ يَلِيَهِ أُولُو النُّهَى أَمْثَلُ فِي الْعَاجِلِ وَالْآجِلِ وَخَيْرٌ فِي الْعَاقِبَةِ،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015