فَأَجِيبُوا دَعْوَتَنَا وَأَعِينُونَا عَلَى مَا ابْتُلِينَا بِهِ وَابْتُلِيتُمْ، وَإِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ يَقُولُ: قَدْ خَرَجْتُ مَخْرَجِي هَذَا ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا، وَإِنِّي أُذَكِّرُ اللَّهَ رَجُلًا رَعَى حَقَّ اللَّهِ إِلَّا نَفَرَ، فَإِنْ كُنْتُ مَظْلُومًا أَعَانَنِي، وَإِنْ كُنْتُ ظَالِمًا أَخَذَ مِنِّي، وَاللَّهِ إِنَّ طَلْحَةَ وَالزُّبَيْرَ لَأَوَّلُ مَنْ بَايَعَنِي وَأَوَّلُ مَنْ غَدَرَ، فَهَلِ اسْتَأْثَرْتُ بِمَالٍ أَوْ بَدَّلَتُ حُكْمًا؟ فَانْفِرُوا، فَمُرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَانْهُوا عَنِ الْمُنْكَرِ. فَسَامَحَ النَّاسَ، وَأَجَابُوا وَرَضُوا. وَأَتَى قَوْمٌ مِنْ طَيِّءِ عَدِيَّ بْنَ حَاتِمٍ فَقَالُوا: مَاذَا تَرَى وَمَا تَأْمُرُ؟ فَقَالَ: قَدْ بَايَعْنَا هَذَا الرَّجُلَ، وَقَدْ دَعَانَا إِلَى جَمِيلٍ، وَإِلَى هَذَا الْحَدَثِ الْعَظِيمِ لِنَنْظُرَ فِيهِ، وَنَحْنُ سَائِرُونَ وَنَاظِرُونَ.

فَقَامَ هِنْدُ بْنُ عَمْرٍو فَقَالَ: إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ دَعَانَا وَأَرْسَلَ إِلَيْنَا رُسُلَهُ حَتَّى جَاءَنَا ابْنُهُ، فَاسْمَعُوا إِلَى قَوْلِهِ، وَانْتَهُوا إِلَى أَمْرِهِ، وَانْفِرُوا إِلَى أَمِيرِكُمْ، فَانْظُرُوا مَعَهُ فِي هَذَا الْأَمْرِ، وَأَعِينُوهُ بِرَأْيِكُمْ.

وَقَامَ حُجْرُ بْنُ عَدِيٍّ فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ أَجِيبُوا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، وَانْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا،، مُرُّوا وَإِنَّا أَوَّلُكُمْ. فَأَذْعَنَ النَّاسُ لِلْمَسِيرِ، فَقَالَ الْحَسَنُ: أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي غَادٍ، فَمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَخْرُجَ مَعِي عَلَى الظَّهْرِ، وَمَنْ شَاءَ فِي الْمَاءِ. فَنَفَرَ مَعَهُ قَرِيبٌ [مِنْ] تِسْعَةِ آلَافٍ، أَخَذَ فِي الْبَرِّ سِتَّةَ آلَافٍ وَمِائَتَانِ، وَأَخَذَ فِي الْمَاءِ أَلْفَانِ وَأَرْبَعَمِائَةٍ.

وَقِيلَ: إِنَّ عَلِيًّا أَرْسَلَ الْأَشْتَرَ بَعْدَ ابْنِهِ الْحَسَنِ وَعَمَّارٍ إِلَى الْكُوفَةَ، فَدَخَلَهَا وَالنَّاسُ فِي الْمَسْجِدِ، وَأَبُو مُوسَى يَخْطُبُهُمْ وَيُثَبِّطُهُمْ، وَالْحَسَنُ (وَعَمَّارٌ مَعَهُ فِي مُنَازَعَةٍ، وَكَذَلِكَ سَائِرُ النَّاسِ، كَمَا تَقَدَّمَ، فَجَعَلَ الْأَشْتَرُ لَا يَمُرُّ بِقَبِيلَةٍ فِيهَا جَمَاعَةٌ إِلَّا دَعَاهُمْ، وَيَقُولُ: اتْبَعُونِي إِلَى الْقَصْرِ، فَانْتَهَى إِلَى الْقَصْرِ فِي جَمَاعَةٍ مِنَ النَّاسِ، فَدَخَلَهُ وَأَبُو مُوسَى فِي الْمَسْجِدِ يَخْطُبُهُمْ وَيُثَبِّطُهُمْ وَالْحَسَنُ) يَقُولُ لَهُ: اعْتَزِلْ عَمَلَنَا، لَا أُمَّ لَكَ! وَتَنَحَّ عَنْ مِنْبَرِنَا! وَعَمَّارٌ يُنَازِعُهُ، فَأَخْرَجَ الْأَشْتَرُ غِلْمَانَ أَبِي مُوسَى مِنَ الْقَصْرِ، فَخَرَجُوا يَعْدُونَ وَيُنَادُونَ: يَا أَبَا مُوسَى هَذَا الْأَشْتَرُ قَدْ دَخَلَ الْقَصْرَ فَضَرَبَنَا وَأَخْرَجَنَا. فَنَزَلَ أَبُو مُوسَى فَدَخَلَ الْقَصْرَ فَصَاحَ بِهِ الْأَشْتَرُ: اخْرُجْ لَا أُمَّ لَكَ أَخْرَجَ اللَّهُ نَفْسَكَ! فَقَالَ: أَجِّلْنِي هَذِهِ الْعَشِيَّةَ. فَقَالَ: هِيَ لَكَ وَلَا تَبِيتُنَّ فِي الْقَصْرِ اللَّيْلَةَ. وَدَخَلَ النَّاسُ يَنْهَبُونَ مَتَاعَ أَبِي مُوسَى، فَمَنَعَهُمُ الْأَشْتَرُ وَقَالَ أَنَا لَهُ جَارٌ. فَكُفُّوا عَنْهُ. فَنَفَرَ النَّاسُ فِي الْعَدَدِ الْمَذْكُورِ.

وَقِيلَ: إِنَّ عَدَدَ مَنْ سَارَ مِنَ الْكُوفَةِ اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ رَجُلٍ وَرَجُلٌ. قَالَ أَبُو الطُّفَيْلِ: سَمِعْتُ عَلِيًّا يَقُولُ ذَلِكَ قَبْلَ وُصُولِهِمْ، فَقَعَدْتُ فَأَحْصَيْتُهُمْ فَمَا زَادُوا رَجُلًا وَلَا نَقَصُوا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015