الشَّيْبَانِيُّ. قَالَ: أَخْبِرْ عَمَّا وَرَاءَكَ. فَأَخْبَرَهُ، فَسَأَلَهُ عَنْ أَبِي مُوسَى، فَقَالَ: إِنْ أَرَدْتَ الصُّلْحَ فَأَبُو مُوسَى صَاحِبُهُ، وَإِنْ أَرَدْتَ الْقِتَالَ فَلَيْسَ بِصَاحِبِهِ. فَقَالَ عَلِيٌّ: وَاللَّهِ مَا أُرِيدَ إِلَّا الصُّلْحَ حَتَّى يُرَدَّ عَلَيْنَا.

وَلَمَّا نَزَلَ عَلِيٌّ الثَّعْلَبِيَّةَ أَتَاهُ الَّذِي لَقِيَ عُثْمَانَ بْنَ حُنَيْفٍ وَحَرَسَهُ، فَأَخْبَرَ أَصْحَابَهُ الْخَبَرَ فَقَالَ: اللَّهُمَّ عَافِنِي مِمَّا ابْتَلَيْتَ بِهِ طَلْحَةَ وَالزُّبَيْرَ. فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى الْإِسَادِ أَتَاهُ مَا لَقِيَ حُكَيْمُ بْنُ جَبَلَةَ وَقَتَلَةُ عُثْمَانَ فَقَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ! مَا يُنْجِينِي مِنْ طَلْحَةَ وَالزُّبَيْرِ إِنْ أَصَابَا ثَأْرَهُمَا! وَقَالَ:

دَعَا حُكَيْمٌ دَعْوَةَ الزِّمَاعِ ... حَلَّ بِهَا مَنْزِلَةَ النِّزَاعِ

فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى ذِي قَارٍ، أَتَاهُ فِيهَا عُثْمَانُ بْنُ حُنَيْفٍ، وَلَيْسَ فِي وَجْهِهِ شَعْرَةٌ، وَقِيلَ: أَتَاهُ بِالرَّبَذَةِ، وَكَانُوا قَدْ نَتَفُوا شَعْرَ رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ - عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ - فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ بَعَثْتَنِي ذَا لِحْيَةٍ وَقَدْ جِئْتُكَ أَمَرَدَ. فَقَالَ: أَصَبْتَ أَجْرًا وَخَيْرًا، إِنَّ النَّاسَ وَلِيَهُمْ قَبْلِي رَجُلَانِ، فَعَمِلَا بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، ثُمَّ وَلِيَهُمْ ثَالِثٌ فَقَالُوا وَفَعَلُوا، ثُمَّ بَايَعُونِي وَبَايَعَنِي طَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ، ثُمَّ نَكَثَا بَيْعَتِي وَأَلَّبَا النَّاسَ عَلَيَّ، وَمِنَ الْعَجَبِ انْقِيَادُهُمَا لِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَخِلَافُهُمَا عَلَيَّ، وَاللَّهِ إِنَّهُمَا لَيَعْلَمَانِ أَنِّي لَسْتُ بِدُونِ رَجُلٍ مِمَّنْ تَقَدَّمَ، اللَّهُمَّ فَاحْلُلْ مَا عَقَدَا وَلَا تُبْرِمْ مَا أَحْكَمَا فِي أَنْفُسِهِمَا، وَأَرِهِمَا الْمُسَاءَةَ فِيمَا قَدْ عَمِلَا! وَأَقَامَ بِذِي قَارٍ يَنْتَظِرُ مُحَمَّدًا وَمُحَمَّدًا، فَأَتَاهُ الْخَبَرُ بِمَا لَقِيَتْ رَبِيعَةُ وَخُرُوجِ عَبْدِ الْقَيْسِ، فَقَالَ: عَبْدُ الْقَيْسِ خَيْرُ رَبِيعَةَ، وَفِي كُلِّ رَبِيعَةَ خَيْرٌ، وَقَالَ:

يَا لَهْفَ نَفْسِي عَلَى رَبِيعِهْ ... رَبِيعَةَ السَّامِعَةِ الْمُطِيعَهْ

قَدْ سَبَقَتْنِي فِيهِمُ الْوَقِيعَهْ ... دَعَا عَلِيٌّ دَعْوَةً سَمِيعَهْ

حَلُّوا بِهَا الْمَنْزِلَةَ الرَّفِيعَهْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015