اللَّهِ) وَمَا أَرَى أَحَدًا أَحَقَّ بِهَذَا الْأَمْرِ مِنِّي، فَجَعَلَنِي سَهْمًا مِنْ سِتَّةِ أَسْهُمٍ، فَبَايَعَ النَّاسُ عُثْمَانَ فَبَايَعْتُهُ، ثُمَّ سَارَ النَّاسُ إِلَى عُثْمَانَ فَقَتَلُوهُ وَبَايَعُونِي طَائِعِينَ غَيْرَ مُكْرَهِينَ، فَأَنَا مُقَاتِلٌ مَنْ خَالَفَنِي بِمَنْ أَطَاعَنِي حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ، وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ) . وَأَمَّا قَوْلُكَ أَنْ أَجْلِسَ فِي بَيْتِي حِينَ خَرَجَ طَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ، فَكَيْفَ لِي بِمَا قَدْ لَزِمَنِي أَوَمَنْ تُرِيدُنِي؟ أَتُرِيدُنِي أَنْ أَكُونَ كَالضَّبُعِ الَّتِي يُحَاطُ بِهَا وَيُقَالُ لَيْسَتْ هَاهُنَا حَتَّى يُحَلَّ عُرْقُوبَاهَا حَتَّى تَخْرُجَ! وَإِذَا لَمْ أَنْظُرُ فِيمَا يَلْزَمُنِي مِنْ هَذَا الْأَمْرِ وَيَعْنِينِي فَمَنْ يَنْظُرُ فِيهِ؟ فَكُفَّ عَنْكَ يَا بُنَيَّ.
وَلَمَّا قَدِمَ عَلِيٌّ الرَّبَذَةَ وَسَمِعَ بِهَا خَبَرَ الْقَوْمِ أَرْسَلَ مِنْهَا إِلَى الْكُوفَةِ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، وَمُحَمَّدَ بْنَ جَعْفَرٍ، وَكَتَبَ إِلَيْهِمْ: إِنِّي اخْتَرْتُكُمْ عَلَى الْأَمْصَارِ وَفَزِعْتُ إِلَيْكُمْ لِمَا حَدَثَ، فَكُونُوا لِدِينِ اللَّهِ أَعْوَانًا وَأَنْصَارًا وَانْهَضُوا إِلَيْنَا، فَالْإِصْلَاحَ نُرِيدُ ; لِتَعُودَ هَذِهِ الْأُمَّةُ إِخْوَانًا. فَمَضَيَا وَبَقِيَ عَلِيٌّ بِالرَّبَذَةِ، وَأَرْسَلَ إِلَى الْمَدِينَةِ، فَأَتَاهُ مَا يُرِيدُهُ مِنْ دَابَّةٍ وَسِلَاحٍ، وَأَمَرَ أَمْرَهُ، وَقَامَ فِي النَّاسِ فَخَطَبَهُمْ وَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ - تَبَارَكَ وَتَعَالَى - أَعَزَّنَا بِالْإِسْلَامِ وَرَفَعَنَا بِهِ، وَجَعَلَنَا بِهِ إِخْوَانًا بَعْدَ ذِلَّةٍ وَقِلَّةٍ وَتَبَاغُضٍ وَتَبَاعُدٍ، فَجَرَى النَّاسُ عَلَى ذَلِكَ مَا شَاءَ اللَّهُ، الْإِسْلَامُ دِينُهُمْ، وَالْحَقُّ فِيهِمْ، وَالْكِتَابُ إِمَامُهُمْ، حَتَّى أُصِيبَ هَذَا الرَّجُلُ بِأَيْدِي هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ الَّذِينَ نَزَغَهُمُ الشَّيْطَانُ لِيَنْزَغَ بَيْنَ هَذِهِ الْأُمَّةِ! أَلَا إِنَّ هَذِهِ الْأُمَّةَ لَا بُدَّ مُفْتَرِقَةٌ كَمَا افْتَرَقَتِ الْأُمَمُ قَبْلَهَا، فَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شَرِّ مَا هُوَ كَائِنٌ، (ثُمَّ عَادَ ثَانِيَةً وَقَالَ: إِنَّهُ لَا بُدَّ مِمَّا هُوَ كَائِنٌ) أَنْ يَكُونَ، أَلَا وَإِنَّ هَذِهِ الْأُمَّةَ سَتَفْتَرِقُ عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً، شَرُّهَا فِرْقَةٌ تَنْتَحِلُنِي وَلَا تَعْمَلُ بِعَمَلِي، وَقَدْ أَدْرَكْتُمْ وَرَأَيْتُمْ، فَالْزَمُوا دِينَكُمْ، وَاهْدُوا بِهَدْيِي، فَإِنَّهُ هَدْيُ نَبِيِّكُمْ، وَاتَّبِعُوا سُنَّتَهُ، وَأَعْرِضُوا عَمَّا أُشْكِلَ عَلَيْكُمْ حَتَّى تَعْرِضُوهُ عَلَى الْقُرْآنِ، فَمَا عَرَفَهُ الْقُرْآنُ فَالْزَمُوهُ، وَمَا أَنْكَرَهُ فَرُدُّوهُ، وَارْضُوا بِاللَّهِ رَبًّا، وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا، وَمُحَمَّدٍ نَبِيًّا، وَبِالْقُرْآنِ حَكَمًا وَإِمَامًا.
فَلَمَّا أَرَادَ الْمَسِيرَ مِنَ الرَّبَذَةِ إِلَى الْبَصْرَةِ قَامَ إِلَيْهِ ابْنٌ لِرِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَيَّ شَيْءٍ تُرِيدُ وَأَيْنَ تَذْهَبُ بِنَا؟ فَقَالَ: أَمَّا الَّذِي نُرِيدُ وَنَنْوِي فَالْإِصْلَاحُ إِنْ قَبِلُوا