فَقَامَ وَقَالَ: يَا أَهْلَ الْمَدِينَةِ، أَنَا رَسُولُ أَهْلِ الْبَصْرَةِ، نَسْأَلُكُمْ هَلْ أُكْرِهَ طَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ عَلَى بَيْعَةِ عَلِيٍّ أَمْ أَتَيَاهَا طَائِعِينَ؟ فَلَمْ يُجِبْهُ أَحَدٌ إِلَّا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، فَإِنَّهُ قَامَ وَقَالَ: أَنَّهُمَا بَايَعَا وَهُمَا مُكْرَهَانِ. فَأَمَرَ بِهِ تَمَّامُ بْنُ الْعَبَّاسِ، فَوَاثَبَهُ سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٌ وَالنَّاسُ، وَثَارَ صُهَيْبٌ وَأَبُو أَيُّوبَ فِي عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيهِمْ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ حِينَ خَافُوا أَنْ يُقْتَلَ أُسَامَةُ فَقَالُوا: اللَّهُمَّ نَعَمْ. فَتَرَكُوهُ، وَأَخَذَ صُهَيْبٌ أُسَامَةَ بِيَدِهِ إِلَى مَنْزِلِهِ وَقَالَ لَهُ: أَمَا وَسِعَكَ مَا وَسِعَنَا مِنَ السُّكُوتِ؟ قَالَ: مَا كُنْتُ أَظُنُّ أَنَّ الْأَمْرَ كَمَا أَرَى. فَرَجَعَ كَعْبٌ وَبَلَغَ عَلِيًّا الْخَبَرُ، فَكَتَبَ إِلَى عُثْمَانَ يُعْجِزُهُ وَقَالَ: وَاللَّهِ مَا أُكْرِهَا عَلَى فُرْقَةٍ وَلَقَدْ أُكْرِهَا عَلَى جَمَاعَةٍ وَفَضْلٍ، فَإِنْ كَانَا يُرِيدَانِ الْخَلْعَ فَلَا عُذْرَ لَهُمَا، وَإِنْ كَانَا يُرِيدَانِ غَيْرَ ذَلِكَ نَظَرْنَا وَنَظَرُوا.

فَقِدَمَ الْكِتَابُ عَلَى عُثْمَانَ، وَقَدِمَ كَعْبُ بْنُ سُورٍ، فَأَرْسَلُوا إِلَى عُثْمَانَ لِيَخْرُجَ، فَاحْتَجَّ بِالْكِتَابِ وَقَالَ: هَذَا أَمْرٌ آخَرُ غَيْرُ مَا كُنَّا فِيهِ. فَجَمَعَ طَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ الرِّجَالَ فِي لَيْلَةٍ مُظْلِمَةٍ ذَاتِ رِيَاحٍ وَمَطَرٍ، ثُمَّ قَصَدَا الْمَسْجِدَ فَوَافَقَا صَلَاةَ الْعِشَاءِ، وَكَانُوا يُؤَخِّرُونَهَا، فَأَبْطَأَ عُثْمَانُ، فَقَدَّمَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَتَّابٍ، فَشَهَرَ الزُّطُّ وَالسَّيَابِجَةُ السِّلَاحَ ثُمَّ وَضَعُوهُ فِيهِمْ، فَأَقْبَلُوا عَلَيْهِمْ فَاقْتَتَلُوا فِي الْمَسْجِدِ فَقُتِلُوا، وَهُمْ أَرْبَعُونَ رَجُلًا، فَأَدْخَلَا الرِّجَالَ عَلَى عُثْمَانَ فَأَخْرَجُوهُ إِلَيْهِمَا. فَلَمَّا وَصَلَ إِلَيْهِمَا [تَوَطَّؤُوهُ] وَمَا بَقِيَتْ فِي وَجْهِهِ شَعْرَةٌ فَاسْتَعْظَمَا ذَلِكَ وَأَرْسَلَا إِلَى عَائِشَةَ يُعْلِمَانِهَا الْخَبَرَ، فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِمَا أَنْ خَلُّوا سَبِيلَهُ.

وَقِيلَ: لَمَّا أُخِذَ عُثْمَانُ أَرْسَلُوا إِلَى عَائِشَةَ يَسْتَشِيرُونَهَا فِي أَمْرِهِ، فَقَالَتْ: اقْتُلُوهُ. فَقَالَتْ لَهَا امْرَأَةٌ: نَشَدْتُكِ اللَّهَ فِي عُثْمَانَ وَصُحْبَتِهِ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -! فَقَالَتْ لَهُمْ: احْبِسُوهُ. فَقَالَ لَهُمْ مُجَاشِعُ بْنُ مَسْعُودٍ: اضْرِبُوهُ وَأَنْتِفُوا لِحْيَتَهُ وَحَاجِبَيْهِ وَأَشْفَارَ عَيْنَيْهِ. فَضَرَبُوهُ أَرْبَعِينَ سَوْطًا وَنَتَفُوا لِحْيَتَهُ وَحَاجِبَيْهِ وَأَشْفَارَ عَيْنَيْهِ وَحَبَسُوهُ ثُمَّ أَطْلَقُوهُ وَجَعَلُوا عَلَى بَيْتِ الْمَالِ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ.

وَقَدْ قِيلَ فِي إِخْرَاجِ عُثْمَانَ غَيْرُ مَا تَقَدَّمَ، وَذَلِكَ أَنَّ عَائِشَةَ، وَطَلْحَةَ، وَالزُّبَيْرَ لَمَّا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015