خَالِدِ بْنِ أَسِيدٍ، وَقَالَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ: الرَّأْيُ مَا قَالَ سَعِيدٌ، مَنْ كَانَ هَاهُنَا مِنْ ثَقِيفٍ فَلْيَرْجِعْ. فَرَجَعَ، وَمَضَى الْقَوْمُ وَمَعَهُمْ أَبَانٌ، وَالْوَلِيدُ ابْنَا عُثْمَانَ. وَأَعْطَى يَعْلَى بْنُ مُنْيَةَ عَائِشَةَ جَمَلًا اسْمُهُ عَسْكَرُ اشْتَرَاهُ بِثَمَانِينَ دِينَارًا، فَرَكِبَتْهُ. وَقِيلَ: بَلْ كَانَ جَمَلُهَا لِرَجُلٍ مِنْ عُرَيْنَةَ.
قَالَ الْعُرَنِيُّ: بَيْنَمَا أَنَا أَسِيرُ عَلَى جَمَلٍ إِذْ عَرَضَ لِي رَاكِبٌ فَقَالَ: أَتَبِيعُ جَمَلَكَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: بِكَمْ؟ قُلْتُ: بِأَلْفِ دِرْهَمٍ. قَالَ: أَمْجَنُونٌ أَنْتَ؟ قُلْتُ: وَلِمَ؟ وَاللَّهِ مَا طَلَبْتُ عَلَيْهِ أَحَدًا إِلَّا أَدْرَكْتُهُ، وَلَا طَلَبَنِي وَأَنَا عَلَيْهِ أَحَدٌ إِلَّا فُتُّهُ. قَالَ: لَوْ تَعْلَمُ لِمَنْ نُرِيدُهُ! إِنَّمَا نُرِيدُهُ لِأُمِّ الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ! فَقُلْتُ: خُذْهُ بِغَيْرِ ثَمَنٍ. قَالَ: بَلْ تَرْجِعُ مَعَنَا إِلَى الرَّحْلِ فَنُعْطِيكَ نَاقَةً وَدَرَاهِمَ. قَالَ: فَرَجَعْتُ مَعَهُ فَأَعْطَوْنِي نَاقَةً مَهْرِيَّةً وَأَرْبَعَمِائَةِ دِرْهَمٍ أَوْ سِتَّمِائَةٍ، وَقَالُوا لِي: يَا أَخَا عُرَيْنَةَ هَلْ لَكَ دِلَالَةٌ بِالطَّرِيقِ؟ قُلْتُ: أَنَا مِنْ أَدِلِّ النَّاسِ. قَالُوا: فَسِرْ مَعَنَا. فَسِرْتُ مَعَهُمْ فَلَا أَمُرُّ عَلَى وَادٍ إِلَّا سَأَلُونِي عَنْهُ، حَتَّى طَرَقْنَا الْحَوْأَبَ، وَهُوَ مَاءٌ، فَنَبَحَتْنَا كِلَابُهُ، فَقَالُوا: أَيُّ مَاءٍ هَذَا؟ فَقُلْتُ: هَذَا مَاءُ الْحَوْأَبِ. فَصَرَخَتْ عَائِشَةُ بِأَعْلَى صَوْتِهَا وَقَالَتْ: إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، إِنِّي لَهِيَهْ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «يَقُولُ وَعِنْدَهُ نِسَاؤُهُ: " لَيْتَ شِعْرِي أَيَّتُكُنَّ تَنْبَحُهَا كِلَابُ الْحَوْأَبِ "!» ثُمَّ ضَرَبَتْ عَضُدَ بَعِيرِهَا فَأَنَاخَتْهُ وَقَالَتْ: رُدُّونِي، أَنَا وَاللَّهِ صَاحِبَةُ مَاءِ الْحَوْأَبِ. فَأَنَاخُوا حَوْلَهَا يَوْمًا وَلَيْلَةً، فَقَالَ لَهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ: إِنَّهُ كَذِبَ، وَلَمْ يَزَلْ بِهَا وَهِيَ تَمْتَنِعُ، فَقَالَ لَهَا: النَّجَاءَ النَّجَاءَ! قَدْ أَدْرَكَكُمْ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ. فَارْتَحَلُوا نَحْوَ الْبَصْرَةِ، فَلَمَّا كَانُوا بِفِنَائِهَا لَقِيَهُمْ عُمَيْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ التَّمِيمِيُّ وَقَالَ: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ أَنْشُدُكِ اللَّهَ أَنْ تَقْدَمِي الْيَوْمَ عَلَى قَوْمٍ لَمْ تُرَاسِلِي مِنْهُمْ أَحَدًا، فَعَجِّلِي ابْنَ عَامِرٍ، فَإِنَّ لَهُ بِهَا صَنَائِعَ، فَلْيَذْهَبْ إِلَيْهِمْ لِيَلْقَوُا النَّاسَ إِلَى أَنْ تَقْدَمِي وَيَسْمَعُوا مَا جِئْتُمْ بِهِ. فَأَرْسَلَتْهُ، فَانْدَسَّ إِلَى الْبَصْرَةِ، فَأَتَى الْقَوْمَ، وَكَتَبَتْ عَائِشَةُ