ثُمَّ تَكَلَّمَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي بَعَثَ مُحَمَّدًا مِنَّا نَبِيًّا، وَبَعَثَهُ إِلَيْنَا رَسُولًا، فَنَحْنُ بَيْتُ النُّبُوَّةِ، وَمَعْدِنُ الْحِكْمَةِ، وَأَمَانُ أَهْلِ الْأَرْضِ، وَنَجَاةٌ لِمَنْ طَلَبَ، لَنَا حَقٌّ إِنْ نُعْطَهُ نَأْخُذْهُ، وَإِنْ نُمْنَعْهُ نَرْكَبْ أَعْجَازَ الْإِبِلِ وَلَوْ طَالَ السُّرَى، لَوْ عَهِدَ إِلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَهْدًا لَأَنْفَذْنَا عَهْدَهُ، وَلَوْ قَالَ لَنَا قَوْلًا لَجَادَلْنَا عَلَيْهِ حَتَّى نَمُوتَ، لَنْ يُسْرِعَ أَحَدٌ قَبْلِي إِلَى دَعْوَةِ حَقٍّ وَصِلَةِ رَحِمٍ، لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ، اسْمَعُوا كَلَامِي وَعُوا مَنْطِقِي، عَسَى أَنْ تَرَوْا (هَذَا الْأَمْرَ) بَعْدَ هَذَا الْمَجْمَعِ تُنْتَضَى فِيهِ السُّيُوفُ، وَتُخَانُ فِيهِ الْعُهُودُ، حَتَّى تَكُونُوا جَمَاعَةً، وَيَكُونَ بَعْضُكُمْ أَئِمَّةً لِأَهْلِ الضَّلَالَةِ وَشِيعَةً لِأَهْلِ الْجَهَالَةِ، ثُمَّ قَالَ:

فَإِنْ تَكُ جَاسِمٌ هَلَكَتْ فَإِنِّي ... بِمَا فَعَلَتْ بَنُو عَبْدِ بْنِ ضَجْمِ

مُطِيعٌ فِي الْهَوَاجِرِ كُلَّ غَيٍّ ... بَصِيرٌ بِالنَّوَى مِنْ كُلِّ نَجْمِ

فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: أَيُّكُمْ يَطِيبُ نَفْسًا أَنْ يُخْرِجَ نَفْسَهُ مِنْ هَذَا الْأَمْرِ؟ وَذَكَرَ قَرِيبًا مِمَّا تَقَدَّمَ.

ثُمَّ جَلَسَ عُثْمَانُ فِي جَانِبِ الْمَسْجِدِ بَعْدَ بَيْعَتِهِ، وَدَعَا عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَكَانَ قَتَلَ [قَاتِلَ] أَبِيهِ أَبَا لُؤْلُؤَةَ، وَقَتَلَ جُفَيْنَةَ رَجُلًا نَصْرَانِيًّا مِنْ أَهْلِ الْحِيرَةِ، كَانَ ظَهِيرًا لِسَعْدِ بْنِ مَالِكٍ، وَقَتَلَ الْهُرْمُزَانَ، فَلَمَّا ضَرَبَهُ بِالسَّيْفِ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ! فَلَمَّا قَتَلَ هَؤُلَاءِ أَخَذَهُ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ وَحَبَسَهُ فِي دَارِهِ وَأَخَذَ سَيْفَهُ وَأَحْضَرَهُ عِنْدَ عُثْمَانَ، وَكَانَ عُبَيْدُ اللَّهِ يَقُولُ: وَاللَّهِ لَأَقْتُلَنَّ رِجَالًا مِمَّنْ شَرَكَ فِي دَمِ أَبِي، يُعَرِّضُ بِالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ، وَإِنَّمَا قَتَلَ هَؤُلَاءِ النَّفَرَ لِأَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي بَكْرٍ قَالَ غَدَاةَ قُتِلَ عُمَرُ: رَأَيْتُ عَشِيَّةَ أَمْسِ الْهُرْمُزَانَ وَأَبَا لُؤْلُؤَةَ وَجُفَيْنَةَ وَهُمْ يَتَنَاجَوْنَ، فَلَمَّا رَأَوْنِي ثَارُوا وَسَقَطَ مِنْهُمْ خِنْجَرٌ لَهُ رَأْسَانِ نِصَابُهُ فِي وَسَطِهِ، وَهُوَ الْخِنْجَرُ الَّذِي ضُرِبَ بِهِ عُمَرُ، فَقَتَلَهُمْ عُبَيْدُ اللَّهِ. فَلَمَّا أَحْضَرَهُ عُثْمَانُ قَالَ: أَشِيرُوا عَلَيَّ فِي هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي فَتَقَ فِي الْإِسْلَامِ مَا فَتَقَ! فَقَالَ عَلِيٌّ: أَرَى أَنْ تَقْتُلَهُ. فَقَالَ بَعْضُ الْمُهَاجِرِينَ: قُتِلَ عُمَرُ أَمْسِ وَيُقْتَلُ ابْنُهُ الْيَوْمَ! فَقَالَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015