عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ: إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَعْفَاكَ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْحَدَثُ وَلَكَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ سُلْطَانٌ. فَقَالَ عُثْمَانُ: أَنَا وَلِيُّهُ، وَقَدْ جَعَلْتُهَا دِيَةً وَأَحْتَمِلُهَا فِي مَالِي. وَكَانَ زِيَادُ بْنُ لَبِيدٍ الْبَيَاضِيُّ الْأَنْصَارِيُّ إِذَا رَأَى عُبَيْدَ اللَّهِ يَقُولُ:

أَلَا يَا عُبَيْدَ اللَّهِ مَا لَكَ مَهْرَبٌ ... وَلَا مَلْجَأٌ مِنِ ابْنِ أَرْوَى وَلَا خَفَرْ

أَصَبْتَ دَمًا وَاللَّهِ فِي غَيْرِ حِلِّهِ ... حَرَامًا وَقَتْلُ الْهُرْمُزَانِ لَهُ خَطَرْ

عَلَى غَيْرِ شَيْءٍ غَيْرَ أَنْ قَالَ قَائِلٌ ... أَتَتَّهِمُونَ الْهُرْمُزَانَ عَلَى عُمَرْ

فَقَالَ سَفِيهٌ، وَالْحَوَادِثُ جَمَّةٌ

:

نَعَمِ اتَّهِمْهُ قَدْ أَشَارَ وَقَدْ أَمَرْ ... وَكَانَ سِلَاحُ الْعَبْدِ فِي جَوْفِ بَيْتِهِ

يُقَلِّبُهَا وَالْأَمْرُ بِالْأَمْرِ يُعْتَبَرْ

فَشَكَا عُبَيْدُ اللَّهِ إِلَى عُثْمَانَ زِيَادَ بْنَ لَبِيدٍ، فَنَهَى عُثْمَانُ زِيَادًا، فَقَالَ فِي عُثْمَانَ:

أَبَا عَمْرٍو عُبَيْدُ اللَّهِ رَهْنٌ ... فَلَا تَشْكُكْ بِقَتْلِ الْهُرْمُزَانِ

فَإِنَّكَ إِنْ غَفَرْتَ الْجُرْمَ عَنْهُ ... وَأَسْبَابُ الْخَطَا فَرَسَا رِهَانِ

أَتَعْفُو إِذْ عَفَوْتَ بِغَيْرِ حَقٍّ ... فَمَا لَكَ بِالَّذِي تَحْكِي يَدَانِ

فَدَعَا عُثْمَانُ زِيَادًا فَنَهَاهُ وَشَذَّبَهُ

وَقِيلَ فِي فِدَاءِ عُبَيْدِ اللَّهِ غَيْرُ ذَلِكَ، قَالَ الْغَمَاذَيَانُ بْنُ الْهُرْمُزَانِ: كَانَتِ الْعَجَمُ بِالْمَدِينَةِ يَسْتَرْوِحُ بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ، (فَمَرَّ فَيْرُوزُ أَبُو لُؤْلُؤَةَ بِالْهُرْمُزَانِ وَمَعَهُ خِنْجَرٌ) لَهُ رَأْسَانِ فَتَنَاوَلَهُ مِنْهُ وَقَالَ: مَا تَصْنَعُ بِهِ؟ قَالَ: أَسِنُّ بِهِ. فَرَآهُ رَجُلٌ، فَلَمَّا أُصِيبَ عُمَرُ قَالَ: رَأَيْتُ الْهُرْمُزَانَ دَفَعَهُ إِلَى فَيْرُوزَ، فَأَقْبَلَ عُبَيْدُ اللَّهِ فَقَتَلَهُ، فَلَمَّا وَلِيَ عُثْمَانُ أَمْكَنَنِي مِنْهُ، فَخَرَجْتُ بِهِ وَمَا فِي الْأَرْضِ أَحَدٌ إِلَّا مَعِي، إِلَّا أَنَّهُمْ يَطْلُبُونَ إِلَيَّ فِيهِ، فَقُلْتُ لَهُمْ: أَلِي قَتْلَهُ؟ قَالُوا: نَعَمْ، وَسَبُّوا عُبَيْدَ اللَّهِ، قَلْتُ لَهُمْ: أَفَلَكُمْ مَنَعَةٌ؟ قَالُوا: لَا، وَسَبُّوهُ، فَتَرَكْتُهُ لِلَّهِ وَلَهُمْ، فَحَمَلُونِي، فَوَاللَّهِ مَا بَلَغْتُ الْمَنْزِلَ إِلَّا عَلَى رُءُوسِ النَّاسِ.

وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ فِي إِطْلَاقِ عُبَيْدِ اللَّهِ لِأَنَّ عَلِيًّا لَمَّا وَلِيَ الْخِلَافَةَ أَرَادَ قَتْلَهُ، فَهَرَبَ مِنْهُ إِلَى مُعَاوِيَةَ بِالشَّامِ، وَلَوْ كَانَ إِطْلَاقُهُ بِأَمْرِ وَلِيِّ الدَّمِ لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ عَلِيٌّ.

ذِكْرُ عِدَّةِ حَوَادِثَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015