فصل
والوقف يزيل ملك الواقف؛ لأنه يزيل ملكه عن التصرف في العين والمنفعة، فأزال ملكه عن الرقبة، كالعتق، ويزيل الملك بمجرد لفظه؛ لأن الوقف يحصل به.
وعنه: لا يحصل إلا بإخراجه عن يده.
قال أحمد: الوقف المعروف أن يخرجه من يده، ويوكل من يقوم به؛ لأنه تبرع، فلم يلزم بمجرده كالهبة والوصية، والأول المشهور؛ لحديث عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، ولأنه تبرع يمنع البيع والهبة والميراث، فلزم بمجرده كالعتق، ولا يفتقر إلى قبول، ويحتمل أنه متى كان على آدمي معين، افتقر إلى القبول؛ لأنه تبرع لآدمي معين، أشبه الهبة، فإن لم يقبل أو رده بطل في حقه، ولم يبطل في حق من بعده، وصار كالوقف على من لا يصح، ثم على من يصح، وعلى الظاهر من المذهب أنه لا يفتقر إلى القبول، ولا يبطل برده؛ لأنه إزالة ملك على وجه القربة، أشبه العتق والوقف على غير معين.
فصل
وينتقل الملك في الوقف إلى الموقوف عليه في ظاهر المذهب؛ لأنه سبب نقل الملك، ولم يخرجه عن المالية وجد إلى من يصح تمليكه، أشبه البيع والهبة.
وعنه: لا يملكه، ويكون الملك لله تعالى؛ لأنه حبس للعين، وتسبيل للمنفعة على وجه القربة، فأزال الملك إلى الله سبحانه كالعتق.
فصل
ويملك الموقوف عليه غلته وثمرته، وصوفه ولبنه؛ لأنه من غلته، فهو كالثمرة، ويملك تزويج الأمة؛ لأنه عقد على نفعها، فأشبه إجارتها، ويملك مهرها؛ لأنه بدل نفعها أشبه أجرتها، وإن ولدت، فولدها وقف معها؛ لأن الوقف حكم ثبت في الأم، فسرى إلى الولد، كالاستيلاد والكتابة، ولا يملك الموقوف عليه وطأها؛ لأن ملكه فيها ضعيف، ولا يؤمن إفضاؤه إلى إخراجها من الوقف فإن وطئها، فلا حد عليه؛ لأنها ملكه، ولا مهر عليه لذلك. وإن لم تلد منه، فهي وقف بحالها، وإن ولدت منه، فالولد حر؛ لأنه من مالكها، وعليه قيمته يوم الوضع؛ لأنه فوت رقه، ويشتري بها عبدًا يكون وقفًا مكانه، وتصير أم ولد له؛ لأنه أحبلها بحر في ملكه، فإذا مات عتقت، ووجبت قيمتها في تركته حينئذ؛ لأنه أتلفها على من بعده، ويشتري بالقيمة جارية تكون وقفًا مكانها، وإن قلنا: ليست ملكًا له، لم تصر أم ولد بوطئه.