فصل
وإن أتلف الوقف أجنبي أو الواقف، أو الموقوف عليه، فعليه قيمته يشتري بها مثله يقوم مقامه؛ لأن الموقوف عليه لا يملك التصرف في رقبته، إنما له نفعه، وإن وطئت الجارية بشبهة فولدها حر، وعلى الواطئ قيمته يوم وضعه يشتري بها ما يقوم مقامه، وإن جنى الوقف، تعلقت جنايته بالموقوف عليه؛ لأنه يملكه، ولم تتعلق بالوقف؛ لأن رقبته محلًا للبيع، فتعلقت بمالكه كأم الولد.
فصل
وتصرف الغلة على ما شرط الواقف من التسوية، والتفضيل، والتقديم، والتأخير، والجمع، والترتيب، وإدخال من أدخله بصفة، وإخراج من أخرجه بصفة؛ لأنه ثبت بوقفه، فوجب أن يتبع فيه شرطه، ولأن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وقف أرضه على الفقراء، وذوي القربى، والرقاب، وابن السبيل، والضيف، وجعل لمن وليها أن يأكل منها، أو يطعم صديقًا. ووقف الزبير على ولده، وجعل للمردودة من بناته أن تسكن غير مضرة ولا مضرًا بها، وإذا استغنت بزوج فلا حق لها فيه.
فصل
فإذا قال: وقفت على أولادي، دخل فيه الذكر منهم والأنثى والخنثى؛ لأن الجميع أولاد، وهل يدخل فيه ولد الولد؟ فيه روايتان:
إحداهما: يدخلون؛ لأنهم دخلوا في قول الله تعالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ} [النساء: 11] ، وفي قوله: {وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ} [النساء: 176] ، فعلى هذه الرواية يدخل ولد البنين دون ولد البنات؛ لأن ولد البنين هم الذين دخلوا في النص دون ولد البنات.
قال الشاعر:
بنونا بنو أبنائنا وبناتنا ... بنوهن أبناء الرجال الأجانب
والثانية: لا يدخل ولد الولد؛ لأن ولده حقيقة ولد صلبه، والكلام بحقيقته، إلا أن يقرن به ما يدل على إدخالهم كقوله: وقفت على أولادي، لولد الذكور الثلثان، وولد الإناث الثلث ونحوه. فإن قال: وقفت على أولادي، فإذا انقرض أولاد أولادي، فهو على المساكين، دخل أولاد الأولاد في الوقف؛ لأن قرينة اشتراط انقراضهم دليل على أنهم أريدوا به، وقيل: لا يدخلون أيضًا؛ لأن اللفظ لا يتناولهم، بل يكون وقفًا