نضب عنه الماء من الجزائر عند الأنهار الكبار. قال أحمد - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يروى عن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: أنه أباح الجزائر وأنا آخذ به، يعني: ما ينبت فيها، ولأن البناء فيها يرد الماء إلى الجانب الآخر فيضر بأهله، ولأنها منبت الكلأ والحطب فأشبهت المعادن.

فصل:

وكل بئر ينتفع بها المسلمون، أو عين نابعة، فليس لأحد احتجارها؛ لأنها بمنزلة المعادن الظاهرة، ومن حفر بئرًا لغير قصد التملك، إما لينتفع بها المسلمون، أو لينتفع بها مدة ثم يتركها لم يملكها، وكان أحق بها حتى يرحل عنها، ثم تكون للمسلمين، ومن حفر بئرًا للتملك فلم يظهر ماؤها، لم تملك به؛ لأنه ما تم إحياؤها، وكان كالمتحجر الشارع في الإحياء.

فصل:

وإن أحيا أرضًا، فظهر فيها معدن ملكه؛ لأنه لم يضيق على الناس به؛ لأنه الذي أخرجه، ولو كان في الموات أرض يمكن فيها إحداث معدن ظاهر، كشط البحر إذا حصل فيه ماؤه، صار ملحًا، ملكه بالإحياء؛ لأنه توسيع على المسلمين لا تضييق.

فصل:

ومن سبق إلى معدن ظاهر، وهو الذي يوصل إلى ما فيه من غير مؤنة، كالماء والملح والنفط، أو باطن لا يوصل إلى ما فيه إلا بالعمل، كمعادن الذهب والحديد، كان أحق به للخبر. فإن أقام بعد قضاء حاجته منع منه؛ لأنه يضيق على الناس بغير نفع، فأشبه الوقوف في مشرعة ماء لا يستقى منها وإن طال مقامه للأخذ، ففيه وجهان:

أحدهما: لا يمنع؛ لأنه سبق، فكان أحق، كحالة الابتداء.

والثاني: يمنع؛ لأنه يضر كالمتحجر. فإن سبق إليه اثنان يضيق المكان عنهما، أقرع بينهما؛ لأنه لا مزية لأحدهما على صاحبه، وقال بعض أصحابنا: إن كانا يأخذان للتجارة، هايأه الإمام بينهما. وإن كانا يأخذان للحاجة، ففيه أربعة أوجه:

أحدها: يهايئاه بينهما.

والثاني: يقرع بينهما.

والثالث: يقدم الإمام من يرى منهما.

والرابع: ينصب الإمام من يأخذ لهما، ويقسم بينهما.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015