بنائه أو غراسه، لم يمنع منه؛ لأنه ملكه، فملك نقله، ولا يلزمه تسوية الحفر، ولا ضمان النقص؛ لأنه غير متعد، ويحتمل كلام الخرقي أنه يلزمه تسوية الحفر؛ لأنه فعله في ملك غيره لتخليص ملكه، فأشبه ما لو كسر محبرة إنسان لتخليص ديناره منها، وإن لم يقلعه، فللشفيع الخيار بين أن يدفع إليه قيمة الغراس والبناء فيملكه، وبين أن يقلعه، ويضمن نقصه؛ لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «لا ضرر ولا ضرار» من المسند، ورواه ابن ماجه، ولا يزول الضرر عنهما إلا بذلك.

الخامس: زرع الأرض، فالزرع يبقى لصاحبه حتى يستحصد؛ لأنه زرعه بحق، فوجب إبقاؤه له كما لو باع الأرض المزروعة.

فصل:

وإن نما المبيع نماء متصلًا، كغراس كبر، وطلع زاد قبل التأبير، أخذ الشفيع بزيادته؛ لأنها تتبع الأصل في الملك، كما تتبعه في الرد، وإن كان نماء منفصلًا كالغلة، والطلع المؤبر، والثمرة الظاهرة، فهي للمشتري؛ لأنها حدثت في ملكه، وليست تابعة للأصل، وتكون مبقاة إلى أوان الجذاذ؛ لأن أخذ الشفيع شراء ثان، فإن كان المشتري اشترى الأصل والثمرة الظاهرة معًا، أخذ الشفيع الأصل بحصته من الثمن، كالشقص والسيف.

فصل:

وإن تلف بعض المبيع، فهو من ضمان المشتري؛ لأنه ملكه تلف في يده، وللشفيع أن يأخذ الباقي بحصته من الثمن، ويأخذ أنقاضه؛ لأنه تعذر أخذ البعض، فجاز أخذ الباقي كما لو أتلفه الآدمي. وقال ابن حامد: إن تلف بفعل الله تعالى لم يملك الشفيع أخذ الباقي إلا بكل الثمن ويترك؛ لأن في أخذه بالبعض إضرارًا بالمشتري، فلم يملكه كما لو أخذ البعض مع بقاء الجميع.

فصل:

ويملك الشفيع الأخذ بغير الحاكم؛ لأنه حق ثبت بالإجماع، فلم يفتقر إلى الحكم، كالرد بالعيب، ويأخذه من المشتري، فإن كان في يد البائع، فامتنع المشتري من قبضه، أخذه من البائع؛ لأنه يملك أخذه فملكه، كما لو كان في يد المشتري. وقال القاضي: يجبر المشتري على القبض، ثم يأخذه الشفيع؛ لأن أخذه من البائع يفوت به التسليم المستحق، ولا يثبت للمشتري خيار؛ لأنه يؤخذ منه قهرًا، ولا للشفيع بعد التملك؛ لأنه يأخذه قهرًا، وذلك ينافي الاختيار، ويملك الرد بالعيب؛ لأنه مشتر ثان، فملك ذلك كالأول، وإن خرج مستحقًا، رجع بالعهدة على المشتري؛ لأنه أخذه منه على أنه ملكه،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015