أحدهما: لا تثبت الشفعة؛ لأن الشراء لم يثبت، فلا تثبت الشفعة التابعة له، ولأن البائع إن أقر بقبض الثمن، لم يمكن الشفيع دفعه إلى أحد؛ لأنه لا مدعي له، ولا يمكن الأخذ بغير ثمن، وإن لم يقر البائع بقبضه، فعلى من يرجع الشفيع بالعهدة.
والثاني: تثبت الشفعة؛ لأن البائع مقر بحق للمشتري والشفيع، فإذا لم يقبل المشتري قبل الشفيع، وثبت حقه، ويأخذ الشقص من البائع، ويدفع إليه الثمن. وإن لم يكن أقر بقبضه، والعهدة عليه؛ لأن الأخذ منه. وإن أقر بقبض الثمن عرضناه على المشتري، فإن قبله دفع إليه، وإلا أقر في يد الشفيع في أحد الوجوه، وفي الآخر يؤخذ إلى بيت المال.
والثالث: يقال له: إما أن تقبض، وأما أن تبرئ، وأصل هذا إذا أقبر بمال في يده لرجل، فلم يعترف به.
فصل:
وإذا تصرف المشتري في الشقص قبل أخذ الشفيع، لم يخل من خمس أضرب:
أحدها: تصرف بالبيع، وما تستحق به الشفعة، فللشفيع الخيار بين أن يأخذ بالعقد الثاني، وبين فسخه، ويأخذ بالعقد الأول؛ لأنه شفيع في العقدين، فملك الأخذ بما شاء منهما، فإن أخذه بالثاني، دفع إلى المشتري الثاني مثل ثمنه، وإن أخذه بالأول، دفع إلى المشتري الأول مثل الذي اشتري به، وأخذ الشقص، ويرجع الثاني على الأول بما أعطاه ثمنًا، وإن كان ثم ثالث، رجع الثالث على الثاني.
الثاني: تصرف برد أو إقالة، فللشفيع فسخ الإقالة والرد، ويأخذ الشقص؛ لأن حقه أسبق منهما، ولا يمكنه الأخذ معهما.
الثالث: وهبه، أو وقفه، أو رهنه، أو أجره ونحوه، فعن أحمد - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: تسقط الشفعة؛ لأن في الأخذ بها إسقاط حق الموهوب الموقوف عليه بالكلية، وفيه ضرر، بخلاف البيع؛ لأنه يوجب رد العوض إلى غير المالك، وحرمان المالك، وقال أبو بكر: تجب الشفعة؛ لأن حق الشفيع أسبق، فلا يملك المشتري التصرف بما يسقط حقه، ولأنه ملك فسخ البيع مع إمكان الأخذ به، فلأن يملك فسخ عقد لا يمكنه الأخذ به أولى، فعلى هذا تفسخ هذه العقود، ويأخذ الشقص، ويدفع الثمن إلى المشتري.
الرابع: بناء أو غرس، ويتصور ذلك بأن يكون الشفيع غائبًا، فقاسم المشتري وكيله في القسمة أو رفع الأمر إلى الحاكم فقاسمه أو أظهر ثمنًا كثيرًا أو نحوه، فترك الشفيع الشفعة وقاسمه، فبنى وغرس، ثم أخذ الشفيع بالشفعة، فإن اختار المشتري أخذ