فرجع عليه، كما لو اشتراه منه، ويرجع المشتري على البائع.

فصل:

وإذا أذن الشريك في البيع، لم تسقط شفعته؛ لأنه إسقاط حق قبل وجوبه، فلم يصح، كما لو أبرأه مما يجب له، وعن أحمد - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أنه قال: ما هو ببعيد أن لا تكون له شفعة؛ لقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا يحل له أن يبيع حتى يؤذن شريكه، فإذا باع ولم يؤذنه، فهو أحق به» رواه مسلم. يفهم منه أنه إذا باعه بإذنه لا حق له، وإن دل في البيع، أو توكل، أو ضمن العهدة، أو جعل له الخيار، فاختار إمضاء البيع، فهو على شفعته.

فصل:

وإذا كان البيع محاباة، أخذ الشفيع بها؛ لأنه بيع صحيح، فلا يمنع الشفعة فيه كونه مسترخصًا. وإن كان البائع مريضًا، والمحاباة لأجنبي فيما دون الثلث، أخذ الشفيع بها؛ لأنها صحيحة نافذة، وسواء كان الشفيع وارثًا، أو لم يكن؛ لأن المحاباة إنما وقعت للأجنبي، فأشبه ما لو وصى لغريم وارثه، ويحتمل ألا يملك الوارث الشفعة هاهنا؛ لإفضائه إلى جعل سبيل للإنسان إلى إثبات حق لوارثه في المحاباة، وإن كانت محاباة المريض لوارثه، أو لأجنبي لزيادة على الثلث، بطلت كلها في حق الوارث، والزيادة على الثلث في حق الأجنبي، وصح البيع في الباقي، وثبت للمشتري الخيار لتفريق صفقته، وللشفيع الأخذ على ذلك الوجه.

فصل:

إذا مات الشفيع قبل الطلب، بطلت شفعته، نص عليه؛ لأنه حق فسخ لا لفوات جزء، فلم يورث، كرجوع الأب في هبته، ويتخرج أن يورث؛ لأنه خيار ثبت لدفع الضرر عن المال فيورث، كالرد بالعيب، فإن مات بعد الطلب، لم يسقط؛ لأنها تقررت بالطلب بحيث لم يسقط بتأخيره، بخلاف ما قبله، فإن ترك بعض الورثة حقه، توفر على شركائه في الميراث، كالشفعاء في الأصل.

فصل:

وإن كان بعض العقار وقفًا، وبعضه طلقًا، فبيع الطلق، فذكر القاضي أنه لا شفعة لصاحب الوقف؛ لأن ملكه غير تام، فلا يستفيد به ملكًا تامًا. وقال أبو الخطاب: هذا ينبني على الروايتين في ملك الوقف، إن قلنا: هو مملوك، فلصاحبه الشفعة؛ لأنه يلحقه الضرر من جهة الشريك، فأشبه الطلق، وإن قلنا: ليس بمملوك، فلا شفعة له، لعدم ملكه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015