فإن أغلق عليه بابًا ليمسكه ضمنه؛ لأنه أمسكه لنفسه، فضمنه كالغاصب، فإن لم ينو ذلك لم يضمنه؛ لأنه يملك التصرف في داره، فلم يضمن ما فيها.
فصل:
إذا اختلف المالك والغاصب في تلف المغصوب، فالقول قول الغاصب مع يمينه؛ لأنه يعتذر إقامة البينة على التلف، ويلزمه البدل؛ لأنه بيمينه تعذر الرجوع إلى العين، فوجب بدلها، كما لو أبق العبد المغصوب. وإن اختلفا في قيمة المغصوب، فالقول قول الغاصب؛ لأن الأصل براءة ذمته من الزيادة المختلف فيها، فأشبه من ادعى عليه بدين، فأقر ببعضه وجحد باقيه، وإن قال المالك: كان كاتبًا قيمته ألف، وقال الغاصب: كان أميًا قيمته مائة، فالقول قول الغاصب؛ لما ذكرناه.
وإن قال الغاصب: كان سارقًا فقيمته مائة، وقال المالك: لم يكن سارقًا فقيمته ألف، فالقول فقول المالك؛ لأن الأصل عدم السرقة، وإن غصبه طعامًا وقال: كان عتيقًا فلا يلزمني حديث، وأنكره المالك فالقول قول الغاصب؛ لأن الأصل براءة ذمته من الحديث، ويأخذ المغصوب منه العتيق؛ لأنه دون حقه، وإن اختلفا في الثياب التي على العبد المغصوب هل هي للغاصب أو للمالك؟ فهي للغاصب؛ لأنها والعبد في يده، فكان القول قوله فيها. وإن غصبه خمرًا، فقال المالك: استحالت خلًا، فأنكره الغاصب، فالقول قول الغاصب؛ لأن الأصل عدم الاستحالة.
فصل:
إذا اشترى رجل عبدًا، فادعى رجل أن البائع غصبه إياه، فأنكره المشتري وصدقه البائع، حلف المشتري، والعبد له، وعلى البائع قيمته، ولا يملك مطالبة المشتري بالثمن؛ لأنه لا يدعيه، أما أن يغرم قيمته مطالبته بأقل الأمرين، من قيمته، أو ثمنه؛ لأنه يدعي القيمة، والمشتري يقر بالثمن فيكون له أقلهما، وللمالك مطالبة المشتري؛ لأنه مقر بالثمن للبائع، والبائع يقر به لمالكه، فإن قلنا بصحة تصرف الغاصب، فله مطالبته بجميع الثمن.
وإن قلنا: لا يصح، فله أقل الأمرين، لما تقدم. وإن صدقه المشتري، فأنكره البائع، حلف البائع وبرئ، ويأخذ المدعي عبده، لما روى سمرة، عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: «من وجد متاعه عند رجل فهو أحق به» وإن كان المشتري أعتق العبد، فصدق البائع والمشتري المالك، غرم أيهما شاء قيمته، ويستقر الضمان على المشتري؛ لأنه أتلف العبد بعتقه، وإن وافقهما العبد على التصديق فكذلك، ولم يبطل العتق؛ لأنه حق الله تعالى، فلا يقبل قولهم في إبطاله. وفيه وجه آخر: أنه يبطل العتق إذا صدقوه كلهم، ويعود العبد رقيقًا للمدعي؛ لأنه إقرار بالرق على وجه لا يبطل به حق أحد فقبل، كإقرار مجهول الحال.