وهي استحقاق انتزاع الإنسان صحة شريكه من مشتريها مثل ثمنها، وهي ثابتة بالسنة والإجماع؛ أما السنة فما روى جابر قال: «قضى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالشفعة في كل شرك لم يقسم، ربعة، أو حائط، لا يحل له أن يبيع حتى يستأذن شريكه، فإن شاء، أخذ. وإن شاء ترك، فإن باع ولم يستأذنه، فهو أحق به» رواه مسلم. وأجمع المسلمون على ثبوت الشفعة في الجملة، ولا تثبت إلا بشروط سبعة.
أحدها: أن يكون المبيع أرضًا للخبر، ولأن الضرر في العقار يتأبد من جهة الشريك، بخلاف غيره، فأما غير الأرض فنوعان:
أحدهما: البناء والغراس. فإذا بيعا مع الأرض، ثبتت الشفعة فيه؛ لأنه يدخل في قوله حائط، وهو البستان المحوط، ولأنه يراد للتأبيد، فهو كالأرض، وإن بيع منفردًا، فلا شفعة فيه؛ لأنه ينقل ويحول، وعن أحمد - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أن فيه شفعة؛ لقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الشفعة فيما لم يقسم» ولأن في الأخذ بها رفع ضرر الشركة، فأشبه الأرض، والمذهب الأول؛ لأن هذا مما لا يتباقى ضرره، فأشبه المكيل. وفي سياق الخبر ما يدل على أنه أراد الأرض؛ لقوله: فإذا طرقت الطرق، فلا شفعة.
النوع الثاني: الزرع والثمرة الظاهرة، والحيوان وسائر المبيعات، فلا شفعة فيه تبعًا ولا أصلًا؛ لأنها لا تدخل في البيع تبعًا، فلا تدخل في الشفعة تبعًا، وعن أحمد - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أن الشفعة في كل ما لا ينقسم، كالحجر والسيف والحيوان وما في معناه، ووجه الروايتين ما ذكرناه.