والثانية: لا تضمن لما روى ابن عمر: «أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أمره بتشقيق زقاق الخمر» رواه أحمد - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في المسند.

فصل:

ومن أتلف مالًا محترمًا لغيره ضمنه؛ لأنه فوته عليه فضمنه، كما لو غصبه فتلف عنده. وإن فتح قفص طائر فطار، أو حل دابة فشردت، أو قيْدَ عبد فذهب، أو رباط سفينة فغرقت، ضمن ذلك كله؛ لأنه تلف بسبب فعله فضمنه، كما لو نفر الطائر أو الدابة. وإن فعل ذلك، فلم يذهب حتى جاء آخر فنفرهما، فالضمان على المنفر؛ لأن فعله أخص، فاختص الضمان به كالدافع مع الحافر، وإن وقف طائر على جدار، فنفره إنسان فطار لم يضمنه؛ لأن تنفيره لم يكن سبب فواته؛ لأنه كان فائتًا قبله، وإن طار في هواء داره فرماه فقتله ضمنه؛ لأنه لا يملك منع الطائر الهواء، فأشبه ما لو قتله في غير داره.

فصل:

وإن حل زقاق فاندفق، أو خرج منه شيء، بل أسفله فسقط، أو سقط بريح، أو زلزلة، أو كان جامدًا فذاب في الشمس فاندفق ضمنه؛ لأنه تلف بسببه فضمنه، كما لو دفعه، وقال القاضي: لا يضمنه إذا سقط بريح، أو زلزلة؛ لأن فعله غير ملجئ، فلا يضمنه، كما لو دفعه إنسان آخر. ولنا أنه لم يتخلل بين فعله وتلفه مباشرة يمكن إحالة الضمان عليه، فيجب أن يضمنه، كما لو جرح إنسانًا فأصابه الحر فمات به، فأما إن بقي واقفًا، فجاء إنسان فدفعه، ضمن الثاني؛ لأنه مباشر، وإن كان يخرج قليلًا قليلًا، فجاء إنسان فنكسه فاندفق، ضمن الثاني ما خرج بعد التنكيس؛ لأنه مباشر له، فهو كالذابح بعد الجارح، ويحتمل أن يشتركا فيما بعد التنكيس، وإن فتح زقًا فيه جامد، فجاء آخر فقرب إليه نارًا فأذابه فاندفق؛ ضمنه الثاني؛ لأنه باشر الإتلاف. وإن أذابه الأول، ثم فتحه الثاني، فالضمان على الثاني؛ لأن التلف حصل بفعله.

فصل:

وإن أجج في سطحه نارًا، فتعدت فأحرقت شيئًا لجاره، وكان ما فعله يسيرًا جرت العادة به، لم يضمن؛ لأنه غير متعد، وإن أسرف فيه لكثرته، أو كونه في ريح عاصف ضمن. وكذلك إن سقى أرضه فتعدى إلى حائط آخر.

فصل:

وإن أطارت الريح إلى داره ثوبًا، لزمه حفظه؛ لأنه أمانة حصلت في يده، فلزمه حفظها كاللقطة. فإن عرف صاحبه، لزمه إعلامه، فإن لم يفعل، ضمنه كاللقطة إذا ترك تعريفها، وإن دخل طائر داره، لم يلزمه حفظه، ولا إعلام صاحبه؛ لأنه محفوظ بنفسه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015