والثاني: يضمنه؛ لأنه تصرف له في نفسه، أشبه المال، فإن قلنا: لا يضمنه فكان عليه حلي، فهل يضمن الحلي؟ فيه وجهان:
أحدهما: لا يضمنه؛ لأنه تحت يده، أشبه ثياب الكبير.
والثاني: يضمنه؛ لأنه استولى عليه، فأشبه ما لو كان منفردًا، وإن استعمل الكبير مدة كرهًا، فعليه أجرته؛ لأنه أتلف عليه ما يتقوم، فلزمه ضمانه، كإتلاف ماله. وإن حبسه مدة لمثلها أجرة، ففيه وجهان:
أحدهما: تلزمه الأجرة؛ لأنها منفعة تضمن بالإجارة، فضمنت بالغصب، كنفع المال.
والثاني: لا يلزمه؛ لأنها تلفت تحت يده، فلم تضمن، كأطرافه.
فصل:
وإن غصب كلبًا يجوز اقتناؤه، لزمه رده؛ لأن فيه نفعًا مباحًا، وإن غصب خمر ذمي، لزمه ردها إليه؛ لأنه يقر على اقتنائها وشربها، وإن غصبها من مسلم، وجبت إراقتها؛ لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أمر بإراقة خمر الأيتام، وإن أتلفها لمسلم أو ذمي لم يضمنها؛ لما روى ابن عباس: أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «إن الله إذا حرم شيئًا حرم ثمنه» ولأنها يحرم الانتفاع بها فلم تضمن، كالميتة. وإن غصبه منهما، فتخلل في يده، لزمه رده إلى صاحبه؛ لأنها صارت خلًا على حكم ملكه. فإن تلف ضمنه؛ لأنه مال تلف في يد الغاصب، فإن أراقه صاحبه، فجمعه إنسان فتخلل، لم يلزمه رده؛ لأن صاحبه أزال ملكه عنه بتبديده.
فصل:
فإن غصب جلد ميتة، ففي وجوب رده وجهان، مبنيان على طهارته بالدباغ، إن قلنا: يطهر، وجب رده؛ لأنه يمكن التوصل إلى تطهيره، أشبه الثوب النجس. وإن قلنا: لا يطهر، لم يجب رده، ويحتمل أن يجب، إذا قلنا: يجوز الانتفاع به في اليابسات، ككلب الصيد. وإن أتلفه، لم يضمنه؛ لأنه لا قيمة له.
فصل:
وإن كسر صليبًا أو مزمارًا لم يضمنه؛ لأنه لا يحل بيعه، فأشبه الميتة. وإن كسر أواني الذهب والفضة لم يضمنها؛ لأن اتخاذها محرم، وإن كسر آنية الخمر، ففيه روايتان:
إحداهما: يضمنها؛ لأنه مال غير محرم، ولأنها تضمن إذا كان فيها خل، فتضمن إذا كان فيها خمر، كالدار.