مع رد العين، فكذا مع تلفها، وإن كان لاختلاف الأسعار، فالواجب قيمته يوم تلف؛ لأنها حينئذ ثبتت في ذمته، وما زاد على ذلك، لا يضمن مع الرد، فكذلك مع التلف، كالزيادة في القيمة. وتجب القيمة من نقد البلد الذي تلف فيه؛ لأنه موضع الضمان، وإن كان المضمون سبيكة، أو نقرة أو مصوغًا، ونقد البلد من غير جنسه، أو قيمته كوزنه، وجبت؛ لأن تضمينه بها لا يؤدي إلى الربا، فأشبه غير الأثمان. وإن كان نقد البلد من جنسه وقيمته مخالفة لوزنه، قوم بغير جنسه كي لا يؤدي إلى الربا. وإن كانت الصياغة محرمة، فلا عبرة بها؛ لأنها لا قيمة لها شرعًا. وذكر القاضي: أن ما زادت قيمته لصناعة مباحة، جاز أن يضمن بأكثر من وزنه؛ لأن الزيادة في مقابل الصنعة، فلا يؤدي إلى الربا.
فصل:
وإذا كانت للمغصوب منفعة مباحة تستباح بالإجارة فأقام في يده مدة لمثلها أجرة، فعليه الأجرة.
وعنه: إن منافع الغصب لا تضمن، والمذهب الأول؛ لأنه يطلب بدلها بعقد المعاينة، فتضمن بالغصب كالعين. وسواء رد العين أو بدلها؛ لأن ما وجب مع ردها، وجب مع بدلها، كأرش النقص. فإن تلفت العين، لم تلزمه أجرتها بعد التلف؛ لأنه لم يبق لها أجرة، ولو غصب دارًا فهدمها، أو عرصة فبناها، أو دارًا فهدمها ثم بناها وسكنها، فعليه أجرة عوضه؛ لأنه لما هدم البناء لم يبق لها أجرة لتلفها، ولما بنى العرصة كان البناء له، فلم يضمن أجرة ملكه، إلا أن يبنيها بترابها، أو آلة للمغصوب منه فيكون ملكه؛ لأنها أعيان ماله، وليس للغاصب فيه إلا أثر الفعل، فتكون أجرتها عليه. وكل ما لا تستباح منافعه بالإجارة أو تندر إجارته، كالغنم، والشجر، والطير، فلا أجرة له. ولو أطرق فحلًا، أو غصب كلبًا لم تلزمه أجرة لذلك؛ لأنه لا يجوز أخذ العوض من منافعه بالعقد، فلا يجوز بغيره.
فصل:
وإن غصب ثوبًا فلبسه وأبلاه، فعليه أجرته وأرش نقصه؛ لأن كل واحد منهما يضمن منفردًا فيضمن مع غيره، ويحتمل أن يضمن أكثر الأمرين من الأجرة وأرش النقص؛ لأن ما نقص حصل بالانتفاع الذي أخذ المالك أجرته، ولذلك لا يضمن المستأجر أرش هذا النقص، وإن كان الثوب مما لا أجرة له كغير المخيط، فعليه أرش نقصه حسب. وإن كان المغصوب عبدًا فكسب، ففي أجرة مدة كسبه وجهان، كذلك وإن أبق العبد فغرم قيمته، ثم وجده فرده، ففي أجرته من حين دفع قيمته إلى رده وجهان: