أحدهما: لا يلزمه؛ لأن المغصوب منه ملك بدل العين، فلا يستحق أجرتها.
والثاني: يلزمه؛ لأن منافع ماله تلفت بسبب كان في يد الغاصب، فلزمه ضمانها، كما لو لم يدفع القيمة. وإن غصب أرضًا فزرعها، فأخذ المالك زرعها، لم تكن على الغاصب أجرة؛ لأن منافع ملكه عادت إليه، إلا أن يأخذه بقيمته، فتكون له الأجرة إلى وقت أخذه؛ لأن القيمة زادت بذلك للغاصب، فكان نفعها عائدًا إليه.
فصل:
وإذا غصب عينًا فباعها لعالم بالغصب، فتلفت عند المشتري، فللمالك تضمين أيهما شاء، قيمتها وأجرتها مدة مقامها في يد المشتري فيضمن الغاصب لغصبه، والمشتري لقبضه ملك غيره بغير إذنه، فإن ضمن الغاصب، رجع على المشتري، وإن ضمن المشتري، لم يرجع على أحد؛ لأنه غاصب تلف المغصوب في يده، فاستقر الضمان عليه، كالغاصب إذا تلف تحت يده.
فأما أجرتها أو نقصها قبل بيعها، فعلى الغاصب وحده، ولا شيء على المشتري منه، وإن كان جارية فوطئها، لزمه الحد والمهر، وردها مع ولدها، وأجرتها، وأرش نقصها، وولده رقيق؛ لأن وطأه زنا، فأشبه الغاصب، وإن لم يعلم المشتري بالغصب، فلا حد عليه، وولده حر، وعليه فداؤه بمثله يوم وضعه؛ لأنه مغرور، فأشبه ما لو تزوجها على أنها حرة، وللمالك تضمين أيهما شاء، لما ذكرنا، فإن ضمن الغاصب، رجع على المشتري بقيمة العين، ونقصها، وأرش بكارتها؛ لأنه دخل مع البائع، على أن يكون ضامنًا لذلك بالثمن، فلم يغره فيه، ولا يرجع عليه ببدل الولد إذا ولدت منه ونقص الولادة؛ لأنه دخل معه على أن لا يضمنه فغره بذلك، فأما ما حصلت له به منفعة، ولم يلتزم ضمانه، كالأجرة والمهر، ففيه روايتان:
إحداهما: لا يرجع به؛ لأن المشتري دخل معه في العقد على أن يتلفه بغير عوض، فقد غره فاستقر الضمان على الغاصب، كعوض الولد.
والثانية: يرجع به؛ لأن المشتري استوفى بدل ذلك، فتقرر ضمانه عليه، وإن ضمن المشتري، رجع على الغاصب بما لا يرجع به الغاصب عليه؛ لأنه استقر ضمانه على الغاصب، ولم يرجع بما يرجع به الغاصب عليه؛ لأنه لا فائدة في رجوعه عليه بما يرجع به الغاصب عليه.
فصل:
وإن وهب المغصوب لعالم بالغصب، أو أطعمه إياه، استقر الضمان على