الغاصب إخراجه، وضمان النقص، فله ذلك؛ لأنه عين ماله، أشبه ما لو غرس في أرض غيره، ويحتمل أن لا يملك ذلك؛ لأنه يضر بملك المغصوب منه لنفع نفسه، فمنع منه، بخلاف الأرض، فإنه يمكن إزالة الضرر بتسوية الحفر، ولأن قلع الغرس معتاد، بخلاف قلع الصبغ، وإن أراد المالك قلعه، ففيه وجهان:
أحدهما: يملكه ولا شيء عليه، كما يملك قلع الشجر من أرضه.
والآخر: لا يملكه؛ لأن الصبغ يهلك به، أشبه قلع الزرع، وإن بذل المالك قيمة الصبغ ليملكه، لم يجبر الغاصب عليه؛ لأنه بيع ماله، ويحتمل أن يجبر. كما يملك أخذ زرع الغاصب بقيمته، وكالشفيع يأخذ غرس المشتري، وإن وهبه الغاصب لمالكه، ففيه وجهان:
أحدهما: يلزمه قبوله؛ لأنه صار صفة للعين، فأشبه قصارة الثوب.
والآخر: لا يلزمه؛ لأن الصبغ عين يمكن إفرادها فأشبه الغراس، فإن أراد المالك بيع الثوب، فله ذلك؛ لأنه ملكه، فلم يمنع بيعه، وإن طلب الغاصب بيعه، فأباه المالك لم يجبر؛ لأن الغاصب متعد، فلم يستحق بتعديه إزالة ملك صاحب الثوب عنه، كما لو طلب الغارس في أرض غيره بيعها. ويحتمل أن يجبر، ليصل الغاصب إلى ثمن صبغه، وإن غصب ثوبًا وصبغًا من رجل فصبغه به، فعليه رده وأرش نقصه إن نقص؛ لأنه بفعله والزيادة للمالك؛ لأنه عين ماله ليس للغاصب فيه إلا أثر الفعل. وإن صبغه بصبغ غصبه من غيره، فهما شريكان في الأصل والزيادة، وإن نقص، فالنقص من الصبغ؛ لأنه تبدد، ويرجع صاحبه على الغاصب؛ لأنه بدده. وإن غصب عسلًا ونشاء، فعمله حلواء، فحكمه كحكم غصب الثوب وصبغه سواء.
فصل:
وإن غصب أرضًا فغرسها، أو بنى فيها، لزمه قلعه؛ لما روى سعيد بن زيد: أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «ليس لعرق ظالم حق» قال الترمذي: هذا حديث حسن. ولأنه شغل ملك غيره، بملك لا حرمة له في نفسه فلزمه تفريغه، كما لو ترك فيها قماشًا، وعليه تسوية الحفر، ورد الأرض إلى ما كانت عليه، وضمان نقصها إن نقصت؛ لأنه حصل بفعله.
وإن بذل له المالك قيمة غرسه، وبنائه، ليملكه، فأبى إلا القلع، فله ذلك؛ لأنها معاوضة، فلم يجبر عليها. وإن وهبه الغاصب الغراس، أو البناء، لم يجبر على قبوله، إن كان له غرض في القلع؛ لأنه يفوت غرضه، وإن لم يكن فيه غرض، احتمل أن يجبر؛ لأنه يتخلص كل واحد منهما من صاحبه بغير ضرر، واحتمل أن لا يجبر؛ لأن ذلك عين يمكن إفرادها، فلم يجبر على قبولها، كما لو يكن في أرضه، وإن غرسها من