فصل:
وإن طولب بالوديعة فأنكرها، فالقول قوله؛ لأن الأصل عدمها، وإن أقر بها وادعى ردها، أو تلفها بأمر خفي، قبل قوله مع يمينه؛ لأنه قبضها لنفع مالكها. وإن كان بأمر ظاهر، فعليه إقامة البينة بوجوده في تلك الناحية، ثم القول قوله مع يمينه.
فصل:
وإن طالبه برد الوديعة، فأخره لعذر لم يضمن؛ لأنه لا تفريط من جهته، وإن أخره لغير عذر، ضمنها لتفريطه، ومؤنة ردها على مالكها؛ لأن الإيداع لحظة.
وهي هبة المنافع، وهي مندوب إليها؛ لقول الله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} [المائدة: 2] ، ولأن فيها عونًا لأخيه المسلم، وقضاء حاجته " «والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه» ، وتصح في كل عين ينتفع بها مع بقاء عينها، " لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - استعار من أبي طلحة فرسًا فركبها، «واستعار من صفوان بن أمية أدراعًا» رواه أبو داود. وسئل عن حق الإبل فقال: «إعارة دلوها، وإطراق فحلها» فثبتت إعارة ذلك بالخبر، وقسنا عليه سائر ما ينتفع به مع بقاء عينه، فيجوز إعارة الفحل للضراب للخبر، والكلب للصيد قياسًا عليه.
فصل:
ولا تجوز إعارة العبد المسلم لكافر؛ لأنه لا يجوز أن يستخدمه، ولا الصيد لمحرم؛ لأنه لا يجوز له إمساكه، ولا الجارية الجميلة لغير ذي محرم منها على وجه يفضي إلى خلوته بها؛ لأنه لا يؤمن عليها، فإن كانت شوهاء، أو كبيرة لا يشتهى مثلها فلا بأس؛ لأنه يؤمن عليها، ويكره استعارة والديه للخدمة؛ لأنه يكره له استخدامهما فكره استعارتهما لذلك.
فصل:
فإن قبض العين ضمنها؛ لما روى صفوان بن أمية: أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - استعار منه