أدراعًا يوم حنين، فقال: أغصبًا يا محمد؟ قال: «بل عارية مضمونة» ، وروي: «مؤداة» رواه أبو داود. ولأنه قبض مال غيره لنفع نفسه، لا للوثيقة. فضمنه كالمغصوب، وعليه مؤنة ردها لذلك، فإن شرط نفي الضمان، لم ينتف؛ لأن ما يضمن لا ينتفي بالشرط، وقال أبو حفص العكبري: يبرأ؛ لأن الضمان حقه، فسقط بإسقاطه، كالوديعة التي تعدى فيها، فإن استخلق الثوب، أو نقصت قيمتها لم يضمن؛ لأنه مأذون فيه؛ لدخوله فيما هو من ضرورته. ولو تلفت ضمنها بقيمتها يوم تلفها؛ لأن نقصها قبل ذلك غير مضمون، بدليل أنه لو ردها، لم يضمنه، فإن تلفت أجزاؤها بالاستعمال كخمل المنشفة، ففيه وجهان:

أحدهما: لا يضمنه، لما ذكرنا.

والثاني: يضمنه؛ لأنه من أجزائها فيضمنه كسائر أجزائها، وإن تلف ولد العارية، ففيه وجهان:

أحدهما: يضمنه؛ لأنه تابع لما يجب ضمانه، فيجب ضمانه، كولد المغصوب.

والثاني: لا يضمن؛ لأنه لم يدخل في العارية، فلم يدخل في الضمان، بخلاف المغصوب، فإن ولدها داخل في الغصب.

فصل:

والعارية عقد جائز لكل واحد منهما فسخها؛ لأنها إباحة، فأشبهت إباحة الطعام، وعليه ردها إلى المعير، أو من جرت عادته أن يجري ذلك على يديه كرد الدابة إلى سائسها، فإن ردها إلى غيرهما، أو دار المالك، أو إصطبله، لم يبرأ من الضمان؛ لأن ما وجب رده، لم يبرأ برده إلى ذلك، كالمغصوب.

فصل:

ومن استعار شيئًا، فله استيفاء نفعه بنفسه، ووكيله؛ لأنه نائب عنه. وليس له أن يعيره؛ لأنها إباحة فلا يملك بها إباحة غيره، كإباحة الطعام؛ فإن أعاره فتلف عند الثاني، فللمالك تضمين أيهما شاء، ويستقر الضمان على الثاني؛ لأنه قبضه على أنه ضامن له، وتلف في يده، فاستقر الضمان عليه، كالغاصب من الغاصب.

فصل:

وتجوز العارية مطلقة ومعينة؛ لأنها إباحة، فأشبهت إباحة الطعام، فإن أطلقها، فله أن ينتفع بها في كل ما يصلح له، فإن كانت أرضًا، فله أن يبني ويغرس ويزرع؛ لأنها تصلح لذلك كله، وإن عين نفعًا، فله أن يستوفيه ومثله ودونه، وليس له استيفاء أكثر منه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015